الحدث بريس – وكالات
اعتادت مدن الساحل في المغرب أن تعيش رواجا استثنائيا، خلال فصل الصيف، بفضل انتعاش السياحة الداخلية وقدوم أفراد الجالية من الخارج، لكن هذا الموسم يبدو خافتا ومغايرا، بسبب جائحة كورونا وما جنته من أزمة.
ويطل المغرب على واجهتين بحريتين هما البحر الأبيض المتوسط، من جهة الشمال، فضلا عن المحيط الأطلسي، من ناحية الغرب، وتسقبل المدن الساحلية عددًا كبيرا من الزوار، وغالبا ما تشهد اكتظاظا مروريا وإقبالا منقطع النظير على محلات التجارة ومنشآت الترفيه.
وفي مارس الماضي، أعلن المغرب إغلاق حدوده البحرية والبرية والجوية، لأجل احتواء فيروس كورونا الذي ظهر في الصين، وفرض قيودا صارمة على التنقل بين مدن البلاد.
وقام المغرب برفع القيود على نحو تدريجي، في يونيو الماضي، لكنه أبقى على عدد من الإجراءات الوقائية والصحية لأجل تفادي ارتفاع جديد في إصابات كورونا المستجد (كوفيد 19).
وفي يوليو الجاري، أعلن المغرب عملية استثنائية على مستوى الحدود لأجل السماح بدخول المواطنين المغاربة والمقيمين في المملكة، لكن هذه الخطوة ليست فتحا للحدود، بحسب توضيح من وزير الخارجية، ناصر بوريطة، لأن السياح لا يمكنهم الدخول إلى البلاد في الوقت الحالي.
وفي ظل القيود المفروضة على الحدود، يجد سكان المدن الساحلية أنفسهم، في أجواء “استثنائية”، خلال هذه السنة، أما الشواطئ فيجري فتحها، وفق توقيت محدد، لكن السكان المحليين هم المصطافون في أغلب الأحيان.
وفيما يراهن المغرب على السياحة الداخلية لأجل إنعاش القطاع الذي يدر نسبة مهمة من الإنتاج المحلي، يتحسر سكان المدن الساحلية على المواسم التي كان فيها الصيف موسما “للهجرة” إلى الشمال.
خسارة لا محيد عنها
ويرى الباحث الاقتصادي والسياسي، إدريس العيساوي، أن المدن السياحية في المغرب تأثرت بشدة من جراء الوباء، سواء في مدن الشمال مثل تطوان وطنجة والحسيمة أو في مناطق أخرى، على اعتبار أن المملكة أغلقت حدودها بشكل كامل، لأجل كبح وباء كورونا.
ويرجح الخبير المغربي أن تستمر الأزمة الحالية، ما دام فيروس كورونا حاضرا، لأن استئناف نشاط السياحة والترفيه يحتاج إلى مناخ صحي وسليم، مشيرا إلى أن مدينة طنجة، وهي من أبرز وجهات السياحة، تم الإعلان عن إغلاقها مجددا بسبب ظهور بؤر عائلية.
وأضاف العيساوي أن هذا الإغلاق له فاتورة باهظة، لكنه ضروري في الوقت نفسه، على اعتبار أن الدول التي استهانت بالوباء ولم تفرض إجراءات صارمة، سجلت أعدادا مرتفعة من الإصابات والوفيات.
ومن أوجه هذه الفاتورة الاقتصادية الباهظة، بحسب الباحث، لجوء المغرب إلى خط السيولة المقدم من صندوق النقد الدولي وهو ما يعني ارتفاع المديونية الخارجية للبلاد.
وفي وقت سابق، ذكرت المندوبية السامية للتخطيط وهي جهاز الإحصاء الرسمي في المغرب، أن حاجيات السيولة في السوق النقدي بالمملكة سترتفع إلى 15.3 مليار دولار في العام الجاري.
وأوضح الباحث أن هذه الأزمة جاءت على نحو مباغت وأحدثت ارتباكا غير مسبوق في العالم، وبالتالي، لم تكن ثمة أي استراتيجية واضحة المعالم لأجل التعامل معها سريع.
وحين سألنا العيساوي حول ما إذا كانت الأزمة الحالية مؤشرا على عدم “صواب” الرهان بشكل كبير على أنشطة السياحة، نظرا لتأثرها السريع بالتقلبات والأحداث، أكد أن هذا القطاع ناجح جدا في مختلف دول العالم لكنه يتأثر بالظروف غير المتوقعة.
وأوضح أنه يصعبُ أن تكون ثمة سياحة، في ظل استمرار فيروس كورونا في الانتشار، أما السياحة الداخلية فتواجه جملة من التحديات مثل ارتفاع وتراجع السفر من قائمة الأولويات المطروحة أمام أغلب الأسر في الوقت الحالي.
وأشار الباحث إلى أن الأسر مقبلة على عيد الأضحى في الوقت الحالي، وبالتالي، فهي مشغولة بعدد من الاستعدادات مثل اقتناء الأضحية، وفي سبتمبر، سيعود التلاميذ إلى المدارس وهو ما يعني زيادة المصاريف والأعباء الملقاة على كاهل العائلات.