الحدث بريس:يحي خرباش.
أثارت تقارير جطو الأخيرة لعدد من المؤسسات الحكومية زوبعة كبيرة وسط مسؤولين حكوميين ومدراء مؤسسات عمومية كبرى ، كانوا إلى حد قريب بعيدين عن أي مسائلة أو محاسبة كيفما كانت طبيعتها .
ويرى العديد من المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي أن كشف الغطاء ورفع الستار عن مجموعة من القطاعات الحكومية يأتي في إطار دستوري محض تفعيلا لقانون المحاسبة والادوار المنوطة بالمحاكم المالية وتفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، غير أن فريقا اخر يرى في هذه الخطوة ، تصفية حسابات سياسية لا أقل ولا أ كثر، الغرض منها خلق ضجة إعلامية دون أي إجراء ،فقد سبقتها خرجات وزير النقل في حكومة بن كيران آنذاك عزيز الرباح حينما هدد بنشر لائحة المستفيدين من رخص النقل ،غير أن مطالبه قوبلت بالأذان الصماء.
واعتبر المتتبع للشأن السياسي بأن هذه الخطوة مجرد نزوة عابرة ستقبر عاجلا أم اجلا ،وها هو وزير النقل ما زال حيا يرزق في حكومة العثماني هذه المرة دون تنفيد تهديده ونشر تلك اللوائح ،الوزراء المعنيون بهذه التقارير احتجوا على رئيس المجلس الاعلى للحسابات ، على اعتبار أن نشر هذه التقارير في هاته الفترة بالذات وفي هاته الظرفية التي تنبئ بتغييرحكومي كبير ،بعد فشل الحكومة في بلورة النموذج التنموي للمغرب، وفشل بعض رؤساء الجهات في تحقيق التنمية بالجهات وعدم تفعيل التوجيهات والخطب الملكية على أرض الواقع ، كما خلف الفساد المالي والاداري صدمة قوية في نفوس المغاربة على إثر تفشي ظاهرة نهب المال العام والإفلات من المحاسبة، فالرأي العام يتساءل لماذا يحتج إذن وزير الفلاحة والصيد البحري وهو الذي يستولي على ميزانية مخطط المغرب الأخضر والازرق فقط لتصدير المنتوجات الفلاحية الخاليةمن المواد الكيماوية إلى السوق الاوروبية ، وإغراق السوق الوطنية بالمبيدات الكيماوية التي تستعمل في إنتاج وتخزين المنتوجات الفلاحية المعدة للسوق الداخلي وللمستهلك المغربي، انظر التقرير حول الاونسا ولماذا يحتج المندوب السامي للسجون والمدير العام للإذاعة والتلفزة المغربية، وقس على ذلك ملفات الفساد التي تزكم الانوف بالجماعات الترابية ومجالس الجهة والمؤسسات العمومية .
وهكذا فقد أعلنت حالة استنفار قصوى لدى القطاعات المعنية بالتقرير همت كل من وزير الفلاحة اخنوش عن التجمع الوطني للأحرار ،وعزيز الرباح عن حزب العدالة والتنمية في تدبيره لقطاع النقل في حكومة بن كيران سابقا للرد على تقرير جطو ،ويتساءل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن تعامل الجهات المختصة وخاصة رئاسة الحكومة مع هذه التقاريرخوفا من أن يطالها النسيان دون تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كما هو الحال لمجمل تقارير لجنتي الداخلية والمالية
وزراء أيديهم على قلوبهم خوفا من فقدان كرسي الوزارة ، بعدما تلقى ادريس جطو الضوء الأخضر من أعلى سلطة في البلاد على نشر التقرير والأيام القادمة ستبشر بتعديل حكومي واسع، مرحلة تتزامن مع افتتاح الدورة التشريعية الخريفية وكل الأضواء ستسلط على الخطاب الملكي الحكومي بهذه المناسبة املا في ضخ دماء جديدة، لها من الكفاءة ما يجعلها قادرة على الاستجابة لانتظارات المواطنين مما يحقق لها العيش الكريم والقطع مع الماضي البئيس الذي جعل البلاد تتخبط في مشاكل اقتصادية واجتماعية عويصة لا يمكن أن تتم إلا من خلال حرب حقيقية ضد الفساد والمفسدين الذين أغرقوا البلاد في الديون والمشاكل التي غدت نار الاحتقان الاجتماعي ،وتسببت في الركود الاقتصادي ، وأنتجت فئة من الانتهازيين الذين يدعون حبهم للوطن وإخلاصهم للملك ،فقط من أجل الاغتناء الفاحش وجمع الثروات…. مستفيدين من شبكة العلاقات التي يغديها المال الفاسد حبا في البقاء على كرسي السلطة لا أقل ولا أكثر.