في إطار الشراكة التي حظي بها كل من المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في مجال تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد، صرح الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، ابراهيم بن بيه، في هذا الصدد، أن حالات الغش والفساد تندرج ضمن جرائم الإعتداء على المال العام، ومصدرها الأساسي في الملاحظات التي تسفر عنها العمليات الرقابية التي تنجزها المحاكم المالية، والتي قد تكون موضوع مساءلة قضائية أمام المحاكم المالية سواء في مادة التدقيق والبت في الحسابات أو التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
وعلى هذا الأساس، وبمناسبة توقيع مذكرة التعاون بين المجلسين، فإن محاور هذه المذكرة تتمثل في “تجسد تقاطع وتكامل دور مختلف الأطراف الموقعة عليها على نحو يضفي على تدخلاتهم في مجال محاربة الفساد طابع الشمولية. ويتجلى المظهر الأول لهذا التقاطع في تشابه الركن المادي للمخالفات المستوجبة للمسؤولية أمام المحاكم المالية مع الجرائم المتصلة بالاعتداء على الأموال العمومية”.
كما أفاد الوكيل العام للملك، أن محاور المذكرة لاتختلف عن صور مخالفة قواعد تصفية النفقات العمومية والأمر بصرفها وحصول الشخص لغيره على منفعة نقدية أو عينية غير مبررة مع جريمة الإختلاس، التي تنطبق على كل موظف عمومي اتجهت نيته إلى التصرف فيما يحوزه من مال بسبب وظيفته على اعتبار أنه مملوك له وإن لم يتصرف فيه فعلا.
وعلى صعيد أخر، شدد المسؤول أن جريمة التبديد التي تهم كل موظف عمومي وضعت تحت يده أموالا عمومية بحكم وظيفته وقام بصرفها للغير دون احترام المساطر والقواعد التنظيمية الجاري بها العمل أو قام باستعمالها واستغلالها استغلالا معيبا وغير قانوني، وهو يعي جيدا بأن من شأن ذلك إلحاق أضرار مادية بالجهاز العمومي يكون بذلك تحت طائلة المسائلة.
مبدأ فصل المهام بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي
كما تتشابه مخالفة حصول الشخص على منافع غير مبررة لنفسه مع جريمة تلقي فائدة. ويظهر هذا التقاطع بشكل أكثر جلاء عندما يتعلق الأمر بمخالفة مبدأ فصل المهام بين الآمر بالصرف والمحاسب العمومي، كما هو الشأن بالنسبة لحالات التسيير بحكم الواقع، إذ يرتبط الأمر في غالب الأحيان بأفعال قد تشكل جرائم انتحال الصفة أو تزوير أو اختلاس أو تبديد أموال عمومية.
وأكد المتحدث ذاته أن المجلس الأعلى” محكمة النقض حاليا” اتجه نحو التوسيع في تحديد مفهوم القواعد القانونية التي قد يترتب عن عدم احترامها إثارة مسؤولية الأشخاص الخاضعين لاختصاص المحاكم المالية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، في إطار احترام نطاق مبدأ شرعية المخالفات.
ويذكر أن الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، خلص إلى أنه “لئن كانت بعض المخالفات أو الجرائم تبدو على درجة عالية من الخطورة، فإن من شأن ظروف وملابسات ارتكابها أن يحدّ بشكل كبير من نسبة هذه الخطورة. وفي مقابل ذلك، هناك جرائم ومخالفات أخرى، وإن كانت تبدو أقل خطورة من حيث طبيعتها، فإن من شأن الظروف التي واكبت أو سبقت أو تلت ارتكابها أن تجعلها أشدّ خطورة.”