لم يكن مستبعدا أبدا أن يغض المسؤولون التونسيون الطرف عن الفضيحة المجلجلة التي ارتكبها منتسب للإخوان داخل البرلمان التونسي والتي لا تمت بصلة لأية ديانة أو ملة ترتكب بحق “امرأة” ممثلة بعبير موسى النائبة البرلمانية… بما تحمله من إهانة لها وللرأي العام التونسي. تحت أي مسمى مهما كان الخصم السياسي عنيدا شرسا وإن كانت عبير تردد بصوت مدوي شعارات من قبيل “تونس حرة حرة والإخونج برة برة”.
تصرفات وثقت صوتا وصورة، نقلت عبر وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي وصحف الإعلام العربي. والتي كانت من نتائجها العصف الكلي بتنظيم “النهضة” الإخواني التونسي. ذلك التنظيم الذي مافتيء يكرر أسطوانة الثورة، والشرعية، وتمثيل الشعب عبر المؤسسات. كما يردد أقطابه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في كل المناسبات في الساحات والمنابر التي تتحدث عن تكريم الاسلام للمرأة كشواهد إقناع موجهة للجماهير؛ من أحاديث ضمنها: “النساء شقائق الرجال”، “رفقا بالقوارير” و”ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”. إلى ماهنالك من الأحاديث تتلوها طوابير وسيول خطب من التبجح بحمل راية الإسلام الصحيح. وتمثيله والدفاع عن مبادئه وقيمه كان أن أعطت و”لسوء الحظ” تحت إيقاع الغضب في الوجه المقابل المظلم سقطات سلوكية رهيبة كان من نتائجها حل البرلمان التونسي وفتح الأبواب على مصراعيها للعصف بالتنظيم في أتون المحو والنسيان.
إرادة الشعب التونسي
هي إرادة شعب تونسي يغار على المرأة وانتصر بحق لشقائق الرجال وللرجال أيضا وليس بمفهوم إخوان “النهضة” من تكالبوا جميعا.. ورأوا في تلك المرأة مجرد سقط متاع ومغنم… وهم المطلعون على التاريخ الإسلامي إن كانوا يعقلون… أن المعتصم حرك جيشا بأكمله من أجل الانتصار لامرأة خلدته كلماتها المدوية “…وامعتصماه” تقول القصة “يحكى فى الأثر أن رجلا قدم للمعتصم العباسي قال له: “يا أمير المؤمنين كنت بعمورية فرأيت امرأة عربية فى السوق مهيبة جليلة تسحل إلى السجن فصاحت فى لهفة “وامعتصماه وامعتصماه”، فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية قائلا، من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندى. فلم يستجب الأمير الرومي وانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها” …
أن يقدم ممثل مسؤول في التنظيم الإخواني فيركل ويصفع ويسب ويلوح جنسيا بأوراق مالية أمام الملأ لامرأة.. وهو يقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده”، و”المسلم ليس بفحاش ولا لعان”. ويقدم من أجل اختلاف سياسي ضمن توجه ايديولوجي معين على شتم و ركل وصفع امرأة.. فهذا مؤشر عما وصل إليه الحال من دركات النذالة والسفاهة والسفالة وكل مسميات الانحطاط الأخلاقي.
فقد ترجم ذلك الإخواني حنقه وغيظه ورشح إناؤه بمكامنه ودواخله الحقيقية حتى تبدت للعيان بذلك الشكل القذر المشين.
دفاع عن كرامة المرأة
لم يعد هم تلك المرأة هو الدفاع عن مشروعية ما تقول وما تعتقده سياسيا أكان موافقا للأعراف الديمقراطية أم لا…؟ بقدر ما تحول الأمر إلى دفاع عن كرامتها وكرامة أي امرأة عربية تأبى الذل والإهانة والهوان.
لا تستطيع وأنت تستمع لتلك الكلمات النابية الطائشة المشينة التي تفوه بها ذلك (الرجل) في قبة البرلمان. وتشاهد تلك التصرفات الرعناء، مع تأكيدها بالتلويح بالأوراق النقدية دون أن تصاب بالدوار والغثيان. أو بالدهشة والتعجب لما يحدث صوتا وصورة أو ربما تنسحب من المكان… وقد تضع كلتا كفيك على ناظريك من الخجل من هول ماترى وتسمع. وتقول ليتني كنت ضمن الصم والعميان، أشاهد ما وقع. وليس لرجل يقدر الأشياء حق قدرها ويعرف الأمور من مقدماتها ومآلها إلا أن يزيد مقتا لبعض أفراد هذا التنظيم الإخواني العابث بمقدرات الأمة التونسية.
صور زعزعت التنظيم الإخواني برمته وخلخلت أركانه، وأبانت عن ضعفه ونفاذ ما بجعبته. وأنه الآن وصل إلى منتهى العقم السياسي والثقافي ولم يعد قادرا على الصمود أو لملمة أطرافه. ولم يك أحد من أسبابه بل كان هو نفسه يحمل بذور فنائه واندثاره ليس في تونس فحسب. ولكن من العالم العربي والاسلامي ككل، لأن تصرف ذلك النائب المنتمي لهذا التنظيم قام بعمل من أعمال الشيطان داخل قبة البرلمان.