ذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات التونسية وضعت وكيل المحكمة الابتدائية، البشير العكرمي، تحت الإقامة الجبرية منذ الجمعة.
ونقلت إذاعة “موزاييك” عن مصادر تأكيدات بأن العكرمي وضع تحت الإقامة الجبرية لمدة 40 يوما قابلة للتجديد بقرار صادر من وزير الداخلية و”منع الاتصال به إلا عبر وسيلة اتصال محل ترخيص ممن له النظر في تنفيذ قرارات السلطة العامة”.
يأتي ذلك بعد أيام من قرارات استثنائية اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، بإقالة الحكومة ومسؤولين كبار، بالإضافة إلى تجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما في خطوة وصفها معارضون بأنها “انقلاب” على الدستور.
وفي منتصف الشهر الحالي، أوقف مجلس القضاء العدلي في البلاد القاضي العكرمي عن العمل وأحاله للنيابة العامة بتهمة بـ “التستر على ملفات متعلقة بالإرهاب”.
وجاء التوقيف بسبب مزاعم تواطؤ العكرمي الذي ينظر له على نطاق واسع أنه محسوب على حزب النهضة الإسلامي، في قضايا مرتبطة مباشرة باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهيمي.
إلى ذلك، جددت حركة النهضة رفضها القاطع للتدابير التي اتخذها قيس سعيد واعتبرتها “استفرادا بالحكم”.
وقالت الحركة الإسلامية في بيان، السبت، إن “الأولوية التي يجب أن تهتم بها مؤسسات الدولة والقوى السياسية في البلاد هي الأولوية الصحية والاقتصادية بما يساعد الشعب التونسي على التخفيف من معاناته المتفاقمة”.
وأضاف البيان أن “الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها السيد رئيس الجمهورية هي إجراءات خارقة للدستور والقانون وفيها اعتداء صريح على مقتضيات الديمقراطية وعلى الحقوق الفردية والمدنية”.
وأشارت حركة النهضة إلى أن الإجراءات الأخيرة “لا تمثل حلا للمشاكل المركبة والمتراكمة، بقدر ما تضيف مخاطر جديدة إلى معاناة الشعب”، مضيفة أن “المخرج الممكن والفعال لهذه المشاكل لن يتم عبر الاستفراد بالحكم”.
وجددت النهضة “دعوتها السيد رئيس الجمهورية لتغليب المصلحة الوطنية والعودة لمقتضيات الشرعية الدستورية والتزام القانون وفسح المجال لحوار يلتزم الجميع بمخرجاته”.
“فاسدون ومنافقون”
على الناحية الأخرى، ألقى مواطنون باللوم على حزب النهضة في التردي الاقتصادي الذي لحق بالبلاد.
“فاسدون” و”منافقون” و”كذابون”: بهذه العبارات وصفت غالبية السكان الذين التقتهم وكالة فرانس برس في البلدة القديمة بتونس العاصمة هذا الحزب الإسلامي المحافظ الذي يعتبرونه المسؤول الرئيسي عن ويلات البلاد في مواجهة أزمة ثلاثية سياسية واجتماعية وصحية.
ويقول المحلل السياسي سليم خراط إن تظاهرة الاثنين التي دعت لها الحركة تظهر “فشل النهضة في حشد قاعدتها” و”فشلها في تشكيل قوة موازية في مواجهة الرئيس”.
ويتابع قائلا: “كانت النهضة دائما على استعداد لتقديم تنازلات لأن الحزب مهووس ببقائه، ويطارده احتمال فرض حظر جديد عليه كما حصل في ظل دكتاتورية (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي”.
وخلال عشر سنوات في السلطة، لم تنجح الحركة مطلقا في الحصول على الأغلبية المطلقة، الأمر الذي أضطرها إلى عقد تحالفات غير عادية مع أحزاب ليبرالية في برلمان يعاني من التشرذم. وهذا يربك العديد من ناخبيها. فبين 2011 و2019، خسرت الحركة أكثر من مليون صوت.
في شوارع المدينة، يعبر إسماعيل مازيغ عن إحباطه. خلال الانتخابات الديمقراطية الأولى في تونس عام 2011، أعطى عامل النسيج السابق صوته لحركة النهضة التي أبدت تمسكها بالهوية العربية الإسلامية ووعدت التونسيين بالأمن والتنمية والعدالة.
ويقول الرجل الأربعيني العاطل عن العمل منذ عشر سنوات بحسرة “لقد قطعوا الكثير والكثير من الوعود، ولكنها كانت في الحقيقة أكاذيب.. عملوا من أجل مصالحهم الشخصية فقط، لا شيء أكثر من ذلك”.
وبعد أن كانت النهضة موحّدة حول زعيمها راشد الغنوشي، تعاني الحركة من انقسام داخلي في الوقت الحاضر مع استقالة عدد من كوادرها وتبادل أعضائها الانتقادات على الملأ.
وساءت صورة الحركة في مطلع يوليو عندما أصدر أحد قادتها عبد الكريم الهاروني، في ذروة تفشي وباء كوفيد-19، إنذارًا للحكومة لتسريع تعويض ضحايا الدكتاتورية. وهو طلب اعتبره كثير من التونسيين في غير محله في ظل الأزمات التي تشهدها البلاد.
كما تعرضت الحركة لضربة أخرى الأربعاء بالإعلان عن فتح تحقيق بالفساد يستهدفها بناء على شبهات بتلقي تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية عام 2019.
ويُقسم توفيق بن حميدة وهو مواطن تونسي ظل مواليا للنهضة منذ الثورة وتحدث مع فرانس برس، أنه لن يصوت لها بعد اليوم. ويقول تاجر الملابس البالغ من العمر 47 عاما، “لقد أحنوا رؤوسهم بينما الفساد منتشر بكل مكان في تونس”.