بلغت درجات الحرارة مستويات قياسية جديدة، اليوم الإثنين، إذ يشهد النصف الشمالي من الكرة الأرضية موجة قيظ وحرائق غابات استدعت إجلاء 1200 طفل من مخيمات صيفية قرب أثينا.
ودقّت سلطات صحية في دول عدة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية ناقوس الخطر، وحضّت السكان على شرب المياه والسوائل والاحتماء من الشمس، في توجيهات تشكّل تذكيرا جديدا بمخاطر الاحترار العالمي.
وقرب أثينا اندلع حريق غابات أجّجته رياح قوية قرب بلدة لوتراكي الساحلية، حيث قال رئيس البلدية يورغوس غيونيس إن الخطر يهدد مخيمات صيفية للأطفال، مضيفًا: “أنقذنا 1200 طفل كانوا في مخيمات صيفية”.
وأعلن المتحدث باسم إدارة الإطفاء أن الشرطة أوقفت رجلا يشتبه في أنه تسبب بحريق غابات مستمر على بعد حوالي 50 كلم شرق أثينا، مبينًا أن “الشرطة أوقفت أجنبيا يُعتقد أنه كان وراء حريق كوفاراس”.
وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إن أوروبا قد تسجّل هذا الأسبوع أعلى درجة حرارة فيها على الإطلاق، تحديدًا في جزيرتَي صقلية وسردينيا الإيطاليتَين، حيثُ من المتوقّع أن تصل الحرارة إلى 48 درجة مئوية.
الأعلى على الإطلاق في أوروبا
واليوم الإثنين، أعلنت الأمم المتحدة أن درجة 48,8 مئوية، التي سجّلت في صقلية في العام 2021، هي الأعلى على الإطلاق التي تم التحقق منها في أوروبا.
وقال مدير وكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ، بيتيري تالاس، إن “أحوال الطقس المتطرفة والتي تحدث بشكل متزايد في مناخنا الذي يشهد احترارا، تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصادية والزراعية والطاقوية والموارد المائية”.
وأوضح أن “هذا الأمر يسلّط الضوء على الضرورة الملحّة بشكل متزايد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بأسرع وقت وبأقصى قدر ممكن”.
وفي روما، أعرب السائح الأمريكي كولمان بيفي عن ذهوله إزاء شدة الحر خلال ارتشافه كوب “كابوتشينو” مع زوجته آنا في بداية عطلة لمدة أسبوعين.
وقال: “نحن من تكساس (في الولايات المتحدة) والجوّ حارّ جدًا هنا، اعتقدنا أننا سنهرب من الحرارة ولكن الجو هنا أكثر سخونة”.
وبحسب الأرصاد الجوية الأوروبية، كان شهر حزيران/يونيو الماضي الأكثر حرًا في العالم، ويبدو أن شهر تموز/يوليو الجاري سائر على خطاه.
مستوى قياسي في الصين
وفي الصين، أعلنت هيئة الأرصاد الجوية، في بيان، اليوم الإثنين، أن الحرارة سجلت يوم أمس الأحد مستوى قياسيا لمنتصف شهر تموز/يوليو الجاري بلغت 52,2 درجة مئوية في قرية سانباو بمنطقة شينجيانغ في الغرب.
وكان المستوى القياسي السابق سُجل في مدينة توربان في شهر تموز/يوليو من عام 2017، عندما بلغت الحرارة 50,6 درجة مئوية، وفق البيان الذي ذكر أن درجات حرارة سطح الأرض وصلت إلى 80 درجة مئوية في أجزاء من توربان، الأحد.
وتقع قرية سانباو في ضواحي مدينة توربان حيث طلبت السلطات من العمّال والتلامذة ملازمة منازلهم واستقدمت مركبات مخصصة لرشّ المياه على الطرق، على ما أفادت هيئة الأرصاد الجوية الصينية.
وفي قبرص، حيث يُتوقّع أن تبقى درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية حتى يوم الخميس، توفي رجل يبلغ 90 عامًا نتيجة ضربة شمس، ونُقل ثلاثة مسنّين آخرين إلى المستشفى، على ما أفاد مسؤولون.
وفي الشطر الشمالي للجزيرة، الذي تحتله تركيا، واصل العامل أشيبي شيميكا، البالغ 27 عاما، عمله خارجا، وقد يكون أشيبي معتادا على حدّة أشعة الشمس، لكنّه أقر بأن “الحر شديد للغاية. أشعر كأن دماغي سيتوقف، مضيفًا: “بعض أرباب العمل لا يتقيّدون بالقواعد، لكننا لا نشتكي خوفا من خسارة عملنا”.
في اليابان، أصدرت السلطات تحذيرات لعشرات الملايين من سكانها من التعرض لضربة شمس في 32 مقاطعة من مقاطعات البلاد الـ47، بعدما سُجّلت درجات حرارة شبه قياسية في أجزاء كبيرة منها.
وتلقّى 60 شخصًا على الأقلّ علاجًا من ضربة الشمس في اليابان، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية، منهم 51 نُقلوا إلى مستشفيات في طوكيو.
وتوقعت الأرصاد الجوية اليابانية تجاوز درجة الحرارة القياسية البالغة 41 درجة مئوية، والتي سُجّلت في مدينة كوماغايا في العام 2018.
حرّ شديد الوطأة
وفي غرب الولايات المتحدة وجنوبها، وهي مناطق معتادة على درجات حرارة مرتفعة، صدرت تحذيرات لأكثر من ثمانين مليون شخص مع تعرّض هذه المناطق لموجة حر “واسعة النطاق وشديدة الوطأة”.
وسجّلت منطقة وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأميركية، وهي واحدة من أكثر المناطق سخونة في العالم، درجة حرارة شبه قياسية وصلت إلى 52 مئوية بعد ظهر يوم أمس الأحد.
وسجّلت فينيكس عاصمة ولاية أريزونا حرارة تخطّت 43 درجة مئوية لليوم الـ17 على التوالي، وقد سجّلت عصر الأحد 45 درجة مئوية.
وقالت نانسي لينراد، وهي متقاعدة تبلغ 64 عاما: “نحن معتادون على درجات الحرارة هذه إنما ليس على نحو متتالٍ”.
وفي أوروبا، حيث يزداد الاحتباس الحراري بنسبة تبلغ ضعف المعدل العالمي، وفقًا لخبراء، نبّهت السلطات الإيطاليين إلى ضرورة الاستعداد “لأشدّ موجة حر في الصيف، وأيضًا واحدة من أشدّ موجات الحرّ على الإطلاق”.
وأصدرت إيطاليا إشعار تنبيه أحمر يضع 16 مدينة في حالة تأهب، بما فيها روما وبولونيا وفلورنسا.
ومن المتوقع أن تسجّل روما حرارة تراوح بين 42 و43 مئوية الثلاثاء، لتحطم درجة الحرارة القياسية التي سُجّلت في آب/أغسطس عام 2007 وبلغت 40,5 مئوية.
لكن على الرغم من ذلك، بقي السياح يتدفّقون على المعالم الشهيرة على غرار الكولوسيوم والفاتيكان.
وقال جيكوب فرونيسن، البالغ 60 عاما، وهو مهندس مدني من كيب تاون: “أنا من جنوب إفريقيا. نحن معتادون على هذا الحر”، وتابع: “عليك أن تتناول الكثير من المياه وأن تعتمر القبعة”.
في رومانيا، يُتوقّع أن تلامس الحرارة 39 درجة مئوية الاثنين في معظم أنحاء البلاد.
أما في إسبانيا، أعلنت الأرصاد الجوية الوطنية، اليوم الإثنين، أن البلد سيسجّل “درجات حرارة عالية بمستويات غير طبيعية” بالنسبة لهذا الموسم، مشيرة إلى أنها قد تتجاوز 44 درجة مئوية في مدينة قرطبة في الأندلس في الجنوب.
في مقابل موجة الحرّ، شهدت أجزاء من آسيا هطول أمطار غزيرة.
وفي كوريا الجنوبية، تعهّد الرئيس، الإثنين، بإحداث “تغيير جذري” على صعيد مقاربة البلاد للأحوال الجوية المتطرفة، بعدما قضى 40 شخصا على الأقل من جراء فيضانات وانزلاقات أرضية في فصل الأمطار الموسمية التي يُتوقع أن تستمر بالهطول حتى الأربعاء.