بفضل الطعون القضائية، والاستناد أحياناً إلى حجج غير أكيدة، يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في طريقه للإفلات من أغلبية محاكماته الجنائية قبل الانتخابات الرئاسية، إذ يراهن على كسب الوقت فيها جميعاً.
ويبذل المرشح الجمهوري، المُلاحق بأربع دعاوى والذي بات من المؤكد، أنه سينافس جو بايدن في نوفمبر المقبل، كل ما بوسعه لتأخير محاكماته قدر الإمكان.
وحتى حين لا يحقق فوزاً، فإن الوقت الذي يمر في مناقشة كل طعن يقدمه، يقربه أكثر من هذا الهدف.
وهكذا في نيويورك، حيث تتم محاكمته بتهمة دفع مبالغ سرية لممثلة أمريكية في 2016، سيكون ترامب كسب ثلاثة أسابيع من خلال الاحتجاج على تقديم آلاف الصفحات من الوثائق، مؤخراً، رغم عدم وجود أي تأثير حقيقي في الملف.
والاثنين، حدد القاضي 15 إبريل موعداً لافتتاح المحاكمة، وهي الوحيدة من بين محاكمات أربع لها موعد محدد.
وفي جورجيا (جنوب شرق)، نجح ترامب، و14 شخصاً آخرون، يحاكمون بتهم قلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية، في إجبار المحكمة على تخصيص أسابيع طويلة للنظر في تضارب محتمل في مصالح المدعية العامة بسبب علاقة تربطها بمحقق.
أخيراً، رفض القاضي بشكل مشروط انسحاب المدعية في 15مارس، لكن لم يحدد موعد لهذه المحاكمة بعد، بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على نشر لائحة الاتهام.
«مُهل مفرطة»
وتمكن ترامب من تأجيل محاكمته الفيدرالية في واشنطن إلى أجل غير مسمى، أيضاً بتهمة التدخل في انتخابات 2020، والتي كان يفترض أن تبدأ في 4 مارس، من خلال الحصول على قرار من المحكمة، على أن تنظر المحكمة العليا في مسألة الحصانة الجنائية التي يؤكد أنه يحظى بها بصفته رئيساً سابقاً.
ومن غير المرتقب أن تبت أعلى هيئة قضائية في البلاد في هذا الأمر قبل يونيو، أو حتى يوليو المقبل.
وقال المدعي الفيدرالي السابق أندرو وايزمان: «هذا جزء من النظام لا يرغب فيه معظم المتهمين في الذهاب إلى المحاكمة، أو تأخيرها قدر الإمكان». لكنه يأسف لـ«التأخير المفرط» من هيئات قضائية. ويعتبر وايزمان أنه من غير المبرر ألا تكون المحكمة العليا حددت جدولاً زمنياً معجّلاً لمسألة الحصانة، وندّد بأخطاء القاضية في المحاكمة الفيدرالية في فلوريدا، حيث يواجه ترامب اتهامات حول طريقة التعامل مع وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض.
وقال مدعٍ فيدرالي سابق آخر، هو دانيال ريتشمان: «هذه تكتيكات كلاسيكية لمتهم لا يريد المثول أمام المحكمة».
وأضاف: «لكن حين يتعلق الأمر برئيس سابق، فإن القضايا التي يتعين حلها تكون غير مسبوقة، وتتطلب مشاركة أكبر من المحاكم، أو حتى المحكمة العليا». وتابع: «بالتالي فإن أي شخص يعتقد أن محامي ترامب هم نوع من سحرة، أو عباقرة فهو مخطئ».
«حِيل»
وفي فلوريدا، طلب المدعون في 11 مارس الجاري، من القاضية أن ترفض من دون إمكانية الاستئناف، طلب إلغاء الملاحقة القضائية الذي قدمه ترامب، بموجب ما اعتبره «الحصانة» في قضية الوثائق السرية، بهدف «عدم تشجيع مثل هذه التكتيكات المماطلة».
في هذا الملف، ذهب الدفاع إلى حد اللجوء ألي القاعدة غير المكتوبة لوزارة العدل، بالامتناع عن توجيه أي اتهامات قد تنطوي عليها تداعيات سياسية في الستين يوماً التي تسبق انتخابات كبرى. وأوضح المدعون، أن هذه القاعدة تطبق عند بدء ملاحقات قضائية، لكن ليس خلال محاكمة جارية.
وقال العضو الديمقراطي في مجلس النواب آدم شيف، مؤخراً لشبكة «سي إن إن»، إن «على المحاكم ألا ترضخ لهذه الحيل».
وعلى غرار المدعيين السابقين، اعتبر شيف أن وزارة العدل كان يفترض أن تبدأ إجراءات فيدرالية ضد الرئيس السابق في وقت أبكر.
وأضاف: «أسهم هذا التأخير في الوصول إلى الوضع الذي قد لا تحصل فيه أي من هذه المحاكمات. لكن ما زلت أعتقد، وآمل أن تبدأ واحدة على الأقل، أو اثنتان قبل الانتخابات».
إذا تم انتخابه مجدداً، فيمكن لترامب وفور تنصيبه في 2025، أن يأمر بإسقاط الإجراءات الفيدرالية بحقه.