أثار الضرب، وهو أسلوب تأديبي يستخدم لتصحيح سلوك الطفل، جدلاً كبيرًا داخل دوائر الأبوة والأمومة وعلم النفس التربوي.
وبحسب تقرير نشره موقع psypost، أشارت دراسة إلى أن الضرب قد يكون له آثار سلبية على النمو المعرفي، والاجتماعي، والعاطفي، والحركي للأطفال.
وعلى الرغم من الرفض العالمي من منظمات مثل لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، إلا أن الضرب لا يزال سائدًا ومقبولًا اجتماعيًّا في العديد من الثقافات، إذ تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من اثنين من كل ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 2-4 سنوات تعرضوا للضرب على مستوى العالم.
وغالبًا ما سلطت الأبحاث السابقة، التي أجريت في المقام الأول في البلدان ذات الدخل المرتفع، الضوء على الآثار الضارة للعقاب الجسدي على نمو الطفل. ومع ذلك، اعتمدت هذه الدراسات عادةً على البيانات المقطعية والأساليب الارتباطية؛ مما أثار مخاوف بشأن دقة النتائج وقابليتها للتعميم.
ولمعالجة هذه القيود، هدفت الدراسة الحالية إلى سد الثغرات من خلال استخدام البيانات الطولية من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مثل: بوتان، وكمبوديا، وإثيوبيا، ورواندا، والتي كانت ممثلة تمثيلا ناقصا في البحوث السابقة. ومن خلال دراسة كيفية تأثير الضرب، بما في ذلك سلوكيات الأبوة والأمومة، على نمو دماغ الأطفال والمهارات الأساسية، تقدم الدراسة رؤى جديدة.
وأكد الدكتور خورخي كوارتاس، المؤلف الرئيس للدراسة في جامعة نيويورك، على أهمية الأدلة الدقيقة حول التأثيرات المحتملة للضرب على نمو الأطفال. وشدد كوارتاس، وهو أيضًا باحث في مركز الدراسات حول الأمن والحماية (CESED) في جامعة الأنديز ومستشار في مجال العنف ضد الأطفال في البنك الدولي، على الحاجة إلى إجراء بحث شامل في هذا المجال.
واستمدت الدراسة بيانات من الدراسات التي رعتها منظمة إنقاذ الطفل، والتي أجريت بشكل مستقل في البلدان المذكورة. وقد قدمت هذه الدراسات، على الرغم من أنها لم تكن مصممة في البداية لاستكشاف العقاب الجسدي، بيانات غنية عن نمو الطفل وسلوك مقدمي الرعاية. ومع عينة متنوعة من 3048 طفلاً، استخدمت الدراسة التقييم الدولي للتنمية والتعليم المبكر (IDELA) لتقييم مجالات النمو المختلفة.
وأشارت النتائج إلى أن أكثر من 70% من الأطفال في العينة تعرضوا للضرب مرة واحدة على الأقل خلال فترة الدراسة. ولوحظ وجود ارتباطات سلبية كبيرة بين الضرب والتطور المعرفي والاجتماعي والعاطفي والحركي. وأظهر الأطفال الذين تعرضوا للضرب نتائج أسوأ في الحساب، ومعرفة القراءة والكتابة، والكفاءات الاجتماعية العاطفية، والمهارات الحركية مقارنة بنظرائهم الذين لم يتعرضوا للضرب.
وأكد الدكتور كوارتاس على النتائج، مسلطا الضوء على ارتفاع خطر التحديات التنموية بين الأطفال الذين تعرضوا للضرب. كما شدد على أهمية تعزيز أساليب التأديب غير العنيفة وتقديم الدعم للآباء ليحل محل الممارسات الضارة.
وبينما لوحظت اختلافات في حجم التأثيرات عبر البلدان، أشار الاتجاه العام إلى نتائج ضارة مرتبطة بالضرب. وقد أثرت عوامل مثل الأعراف الثقافية، وتكرار وسياق الضرب، وكذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، على هذه الاختلافات.
وبالنظر إلى المستقبل، أعرب الدكتور كوارتاس عن اهتمامه بمواصلة عمله في تصميم وتنفيذ برامج الأبوة والأمومة التي تهدف إلى تعزيز الرعاية ومنع العنف ضد الأطفال، بما في ذلك العقاب الجسدي، لتعزيز الممارسات التأديبية غير العنيفة ودعم النمو الصحي للطفل على مستوى العالم.