إفتتحت، صباح اليوم الثلاثاء بالرباط، أشغال المنتدى الدولي حول “القرآن و الغرب..نحو نهج عقلاني” الذي تنظمه منظمة العالم الإسلامي للتربية و العلم و الثقافة (إيسيسكو)، بشراكة مع المعهد الألماني للحوار و التفاهم (مواطنة).
و يهدف هذا المنتدى إلى “إستعراض السياق المعرفي الذي جعل مثقفي أوروبا يهتمون بالظاهرة القرآنية، و تتبعهم لرحلة القرآن و ترجمته إلى اللغات اللاتينية، و تطبيق مناهج البحث على نصوصه”.
كما يروم مناقشة عوامل تنامي ظاهرة التطرف و الإرهاب، و تبني التيارات المتطرفة في أوروبا سلوكا عدائيا إتجاه الإسلام و المسلمين، و الجهل بالقرآن و عظمته.
و في كلمة بالمناسبة، قال المدير العام لـ(إيسيسكو)، سالم بن محمد المالك، إن عنوان هذه الندوة يرمز إلى” أننا نلتقي في هذا المحفل العلمي الوقور من أجل خير الإنسانية، أمنها و سلامها، تعايشها و إطراد نمائها”، مبرزا أن “الحديث عن القرآن في آفاق تأثيره الإنساني إنما هو حديث عن أكثر كتاب مؤثر في تشكيل شخصيات أتباعه و مواقفهم من الناس و الأشياء”.
و أوضح السيد سالم بن محمد المالك أنه “مهما تباعدت الخطى بكثير من المسلمين عن تعاليم القرآن و توجيهاته المرشدة، فإنهم في نهاية المطاف يوقنون بصحته و قدسيته و حاكميته، مثلما يوقنون بأنهم هم المقصرون إتجاه تجلياته الجليلة الهادية”، و بالتالي “ليس بمستغرب أن تهب الكثرة الكاثرة منهم للمنافحة عنه و التضحية بالنفس و النفيس في مجابهة أيما إعتداء على حرمته”.
و شدد على أن القرآن “يحمل في طياته ذلكم الإعجاز المبهر، الذي ينفذ إلى القلوب قبل أن تتضح فيه معانيها”، معتبرا أنه “لسنا أمام ظاهرة تتأثر بالتحولات، بل أمام قوة تمتلك من عناصر الرسوخ و الثبات ما لا يستغرب من أتباعها رسوخا و ثباتا في الدفاع عنها حيثما حل بهم المقام”، و أن “تمثلنا له (الغرب) لا ينبع من ردة فعل عارضة إزاء بعض السلوكيات المستجدة العارضة نحوه في أوروبا، بل هو تمثل يستصحب كل حمولة الغرب الحضارية و تجلياتها في منتظم العلاقات الإنسانية و إسقاطاتها الجيواستراتيجية”.
و أكد المدير العام لـ(إيسيسكو) أن المطلوب “إتباع نهج عقلاني يفترض في الجميع إلتزاما صارما بإحترام المقدسات”، و “يعلي من قيم حرية التعبير، لكنه، بالمقابل، يضبط إيقاعها وفقا لحدود حريات الآخرين”.
من جهته، أبرز سفير جمهورية ألمانيا الإتحادية بالمغرب، روبرت دولغر، أهمية هذا المنتدى الدولي الذي يجمع العديد من الفاعلين و الباحثين والأكاديميين، لاسيما في سياق النقاش السياسي في أوروبا حول الإسلام و المسلمين، معتبرا أن للقرآن مكانة مهمة في أوروبا.
و أوضح السفير الألماني أن هذا المنتدى الدولي يهدف إلى “التأكيد على دورنا من أجل فهم جيد لهذا النص المقدس، و تعزيز الحوار بين الأديان لما له من أهمية بالغة، و نبذ كل أشكال الكراهية و التطرف، و المضي قدما نحو الأمام”.
و أكد أن وجهات النظر المختلفة للخبراء و الأكاديميين تهدف إلى تعزيز فهم أفضل للإسلام و للدور التكويني للقرآن، مشيرا إلى الأهمية التي توليها ألمانيا و أوروبا للدراسات الإسلامية و القرآنية.
و يتضمن برنامج هذا المنتدى الدولي إلقاء محاضرات لباحثين و أساتذة جامعيين قادمين من بلدان أوروبية و إفريقية و آسيوية و من الولايات المتحدة الأمريكية، لمناقشة حضور القرآن في الغرب و التفاعل العلمي الرامي إلى إستقراء النص القرآني بعد توالي ترجماته إلى لغات مختلفة.
و من المنتظر أن يتم في ختام أشغال المنتدى إطلاق مبادرة “اقرأوه..لتفهموه” التي تستند إلى حقيقة أن الجهل بالقرآن و عظمة تجلياته الإعجازية البينة، هو أساس كل السلوكيات المتجاوزة للمنطق و العقلانية.
و تشير منظمة الإيسيسكو إلى أن هذه المبادرة “تعبر عن طموح متعدد المنطلقات متجدد الإبداعات، يبتغي إتاحة النص القرآني بكل فيوضاته المعرفية و الإعجازية، ليتسنى الاطلاع عليه بشكل ينأى عن الطرائق التقليدية المعهودة في تقديم القرآن”.