أثارت مشاهد عرضها التلفزيون الجزائري، توثق لحظة دخول الرئيس عبد المجيد تبون لمكتبه في قصر الرئاسة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية بالجزائر. حيث ظهر مدير ديوان الرئاسة، بوعلام بوعلام، ممسكًا بتبون بطريقة أثارت تساؤلات حول النفوذ الحقيقي لهذا المسؤول داخل القصر، وهو ما أعاد إلى الواجهة الروايات التي تتحدث عن الدور الكبير الذي يلعبه بوعلام بوعلام باعتباره “عين” جنرالات الجيش في القصر الرئاسي.
الإقالة المفاجئة لمدير التلفزيون
هذا العرض الذي لم يكن من المفترض بثه تسبب في إقالة مدير التلفزيون الجزائري، عادل سلاقجي، بعد شهر و12 يومًا فقط من تعيينه. جاء قرار الإقالة سريعًا بعد عرض المشهد الذي وصفه المتابعون بأنه يكشف عن “الحاكم الفعلي” وراء الكواليس.
ووفقًا للناشط الإعلامي والسياسي الجزائري وليد كبير، فإن إقالة سلاقجي لم تكن فقط بسبب المشهد المثير للجدل، بل جاءت أيضًا على خلفية أخطاء أخرى ارتكبها خلال فترة توليه المنصب. من بين هذه الأخطاء بث أرقام متناقضة حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث أعلن التلفزيون الجزائري أن تبون حصل على 94% من الأصوات، في حين حددت المحكمة الدستورية النسبة في 84%.
خلفيات وأبعاد الفضيحة
الفضيحة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ يشير الكثيرون إلى أن الطريقة التي أمسك بها بوعلام الرئيس تبون أمام الكاميرات تعكس سيطرة واضحة لهذا المسؤول على شؤون الرئاسة، ما يؤكد الشكوك التي تدور حول قوة نفوذه، ودوره كجسر بين الرئاسة والجنرالات.
تم تعيين محمد بغالي، مدير الإذاعة الوطنية، خلفًا لسلاقجي كمدير عام بالنيابة للتلفزيون الجزائري. ويأتي هذا التغيير في وقت يشهد فيه الإعلام الجزائري توترات كبيرة، حيث سبق إقالة مدير التلفزيون السابق، شعبان لوناكل، بعد بث خبر تأهل المنتخب المغربي لنصف نهائي كأس العالم 2022، ما أثار غضب الأوساط الرسمية في البلاد.
تداعيات هذه الفضيحة
تعكس هذه الأحداث حجم الصراع الداخلي في المؤسسات الإعلامية الجزائرية، والتوترات بين السلطة التنفيذية والأجهزة العسكرية التي تمتلك نفوذًا كبيرًا داخل مؤسسات الدولة. المشهد الذي عرضه التلفزيون الجزائري يعكس بوضوح طبيعة التوازنات السياسية التي تتحكم في البلاد، حيث تلعب الشخصيات المحيطة بالرئيس دورًا حاسمًا في توجيه القرارات وصناعة النفوذ داخل القصر الرئاسي.
يبدو أن هذه الفضيحة لن تكون الأخيرة في مسلسل الإقالات المتتالية داخل الإعلام الجزائري، ما يفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول دور الإعلام في ظل نظام سياسي يبدو أنه يرزح تحت وطأة السيطرة المطلقة للجنرالات.