قدم الكاتب و الصحفي أحمد الطاهري، في أمسية ثقافية مميزة نظمتها شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، مساء اليوم الجمعة بالرباط، قراءة في إصداره “العين ترنو و الكلمة تشاء، نصوص على تخوم الصحافة و الأدب”.
و شكل اللقاء فرصة لإستكشاف أبعاد هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر (سليكي أخوين)، و الواقع في 240 صفحة من القطع المتوسط، و الحافل بمزيج فريد يجمع بين التوثيق الصحفي و السرد الروائي، حيث يستعرض الطاهري أبرز محطات عمله الصحفي كمراسل لوكالة المغرب العربي للأنباء في كل من الجزائر و لبنان و البحرين.
و شارك في هذه الأمسية التي أطرها رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، نور الدين أقشاني، كل من الصحفي و الباحث في الشأن الثقافي، نزار الفراوي، و الباحث في علم الإجتماع، عزيز لزرق، كما تخللتها وصلات موسيقية من أداء العازف رشيد عبدون.
و إستعاد الطاهري رفقة المشاركين، أبرز المحطات الإعلامية التي ضمنها في كتابه، و الأحداث التي عايشها في كل من الجزائر حيث غطى فترة “العشرية السوداء” و ما تلاها من أحداث مؤلمة و بلبنان حين واكب الحروب و الأزمات السياسية التي هزت المنطقة (2001-2008).
كما توقف عند تجربته في البحرين (2013-2017) خلال فترة الإستقرار الإجتماعي و السياسي الذي أتاح له المجال للتعمق في قضايا ثقافية مهمة.
كما إستعرض الكاتب الشق السردي الأدبي في كتابه، و الذي يمثل تحرره من قيود الأسلوب الصحفي، و الذي يروي فيه تجارب شخصية و قضايا مجتمعية في شكل قصصي بعيد عن التوثيق الصحفي.
و أكد أحمد الطاهري في تصريح للصحافة بالمناسبة، أن الأدب كان يسكنه منذ الطفولة، و أنه كان مولعا بالشعر و الرواية حتى قبل دخوله عالم الصحافة، الذي كان له أثر كبير في تطوير أسلوبه الأدبي، حيث أتاحت له التغطيات الصحفية لأحداث كبرى في المنطقة العربية فرصة لصقل تجربته الكتابية.
و أضاف أن الكتاب هو تجسيد لرحلته بين الصحافة و الأدب، مشيرا إلى أنه يفتح له آفاقا جديدة للتعبير عن مشاعره و أفكاره من خلال لغة سردية حرة.
من جهته، قال نزار الفراوي، في مداخلته، “أن هذا العمل يشكل إلتقاء بديعا بين عالمي الصحافة و الأدب، و هو يعكس كيف تنهل الكتابة الصحفية من بحر الأدب“، مستشهدا بنصوص “إستطاع فيها الكاتب نقل أخبار إجتماعية و سياسية غيرت وجه المنطقة، بأسلوب لغوي بالغ الرمزية”.
و أضاف أن عنوان الكتاب نفسه يشير إلى هذه الثنائية “التي تتكامل فيها عناصر التقرير المحايد مع مطالب الوصف النقدي”، إذ أن “طرفي العنوان؛ العين و الكلمة، يحيلان بشكل نافذ إلى الثنائية التي يحتفي بها الكتاب و المسافة الغامضة التي يقطعها بين المهني و الأدبي”.
- بدوره، أشار عزيز لزرق إلى أن أحمد الطاهري “زين كتابه بلغة صحفية راقية ترقى لأن تكون بداية لإعادة تشكيل العقل اللغوي الإعلامي و الإرتقاء به على المستوى الجمالي، و ذلك في مواجهة التوجه الذي يدفع بالفعل اللغوي الصحفي نحو الإستسهال و تحقيق مآرب فرجوية سطحية”.