في خطوة تبدو مفاجئة، تم تعيين ريتشارد “ديوك” بوكان، رجل الأعمال المقرب من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، سفيرًا للولايات المتحدة في المغرب. هذا التعيين يعكس العديد من الرسائل الاستراتيجية والاقتصادية التي تحتاج إلى تحليل دقيق لفهم مغزاها في هذا التوقيت الحساس.
ديوك بوكان ليس فقط رجل أعمال بارزًا، بل هو أيضًا من المقربين جدًا لترامب. كان من أبرز الداعمين لحملته الانتخابية في 2016، حيث تولى مسؤولية تمويل الحملة الانتخابية للجمهوريين وحقق في عهده العديد من الإنجازات المالية. إضافة إلى ذلك، شغل منصب سفير الولايات المتحدة في إسبانيا من 2017 إلى 2021، ما يضيف له رصيدًا دبلوماسيًا معززًا. بوكان هو أيضًا مؤسس لشركة استثمارية، ولديه خبرات واسعة في الأسواق العالمية والعقارات.
التعيين في هذا التوقيت يحمل أكثر من مجرد تحول دبلوماسي؛ إنه بداية للمرحلة الثانية من ولاية ترامب في مجال العلاقات الدولية، حيث يعد تعيين بوكان أول سفير أمريكي في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط خلال ولايته الثانية. وهذا يطرح السؤال الأهم: لماذا المغرب؟
الجواب ربما يكمن في العلاقات الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن في الفترة الأخيرة. فالمغرب، كداعم رئيسي لاستقرار المنطقة وشريك اقتصادي مهم للولايات المتحدة، له أهمية متزايدة في المعادلة الجيوسياسية. كما أن توقيع اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التعاون المستمر في مجالات الأمن والتكنولوجيا، جعلت من المغرب نقطة ارتكاز مهمة في استراتيجية واشنطن في شمال إفريقيا.
عادةً، يستغرق تعيين السفير في المغرب وقتًا طويلاً، قد يمتد إلى سنة أو سنتين. ولكن تعيين بوكان جاء سريعًا، ما يثير تساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هذا التوقيت. البعض يعتقد أن الأمر مرتبط بتكثيف الولايات المتحدة لدعمها للمغرب في مجالات متعددة، وفي مقدمتها الأمن، والتجارة، والتعاون في مجال الطاقة المتجددة.
وقد يكون التعيين أيضًا جزءًا من رد الولايات المتحدة على التحولات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة في ظل التنافس الدولي المتزايد بين الولايات المتحدة والصين وروسيا. في الوقت نفسه، يعتبر البعض أن التعيين يمثل تعزيزًا للموقف الأمريكي الثابت في دعم سيادة المغرب على صحرائه، وهو الموقف الذي تم تأكيده بوضوح في 2020 مع اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية.
إن تعيين ديوك بوكان سفيرًا للولايات المتحدة في المغرب يحمل دلالات استراتيجية كبيرة. فالرجل، الذي يتمتع بعلاقات قوية مع ترامب، لديه القدرة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. كما أن تعيينه السريع يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في تحسين ورفع مستوى التعاون مع المغرب، في وقت حساس يشهد فيه العالم تغيرات جيوسياسية واقتصادية.