أصبح استخدام الهواتف الذكية جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. ومع ذلك، هناك إدراك متزايد بأن كثرة استخدام هذه الأجهزة قد تكون ضارة لنا، لكن هذا الإدراك لا يمنعنا من الاستمرار في استخدامها. فكيف يفسر العلماء هذا التناقض بين معرفتنا بأضرار الهواتف الذكية وبين إدماننا لها؟
الجواب يكمن في مادة كيميائية في دماغنا تُسمى “الدوبامين”، وهي المسؤولة عن الشعور بالمتعة والتحفيز والمكافأة. عندما نتصفح هواتفنا أو نتفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي، يفرز الدماغ الدوبامين، مما يجعلنا نشعر بالسعادة ويشجعنا على تكرار هذه الأنشطة. ولكن، مع مرور الوقت، يعتاد دماغنا على هذا التحفيز المتكرر ويبدأ في إفراز كميات أقل من الدوبامين، مما يؤدي إلى صعوبة في التركيز والاستمتاع بالأنشطة الأخرى.
من الناحية النفسية، هذا التكيف يعزز من مشاعر التوتر والقلق، حيث يتطلب الدماغ مزيدًا من التحفيز للحصول على نفس القدر من المتعة. وكأننا ندخل في حلقة مفرغة؛ كلما زاد استخدامنا للأجهزة الرقمية، زادت حاجتنا إلى تجارب جديدة لتلبية رغباتنا في المتعة والتحفيز، مما يؤدي في النهاية إلى تدهور جودة حياتنا النفسية.
إن هذا النوع من “الإدمان الرقمي” يعكس تحملاً يتطور في أدمغتنا على غرار ما يحدث في حالات الإدمان الأخرى. ومع البحث المستمر عن “جرعات دوبامين” جديدة، نبدأ في تجربة توترات وضغوط تؤثر على حياتنا اليومية وتقلل من رضاها. لكننا نجد أنفسنا محاصرين في هذه الدائرة المغلقة، ندرك أضرارها ولكننا نستمر في الاستمرار بها.
إدمان الهواتف الذكية هو مشكلة معقدة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتفاعلات دماغية فسيولوجية، ويظهر بوضوح أن العالم الرقمي قد أصبح محركًا أساسيًا لمشاعرنا وسلوكياتنا. وفي ظل هذه الظاهرة، يصبح من الضروري أن نتبنى وعيًا أكبر حول تأثيرات هذه الأجهزة على صحتنا النفسية، وأن نبحث عن طرق للتقليل من هذا الإدمان بما يتناسب مع حياتنا اليومية، لتحقيق توازن أفضل بين التحفيز الرقمي والصحة العقلية.