شهدت أسواق المال العالمية تقلبات حادة خلال اليومين الماضيين، تسببت في خسائر فادحة لأغنى 500 شخص حول العالم، إذ فقدوا مجتمعين نحو 485 مليار دولار، بحسب مؤشر “بلومبرغ للمليارديرات”. وتُعد هذه الخسارة من الأكبر منذ تداعيات جائحة كوفيد-19، وتُرجعها التقارير إلى إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن فرض تعريفات جمركية جديدة على عشرات الدول، ضمن توجه تصعيدي جديد في ملف التجارة العالمية.
وفقًا للتقرير، فإن 90% من المليارديرات المُدرجين في المؤشر تراجعت ثرواتهم يوم الجمعة وحده، في ظل موجة بيع جماعي اجتاحت أسواق الأسهم العالمية. إيلون ماسك، مؤسس “تسلا” و”سبيس إكس”، تصدر قائمة الخاسرين بفقدان 31 مليار دولار من ثروته خلال يومين، لترتفع خسائره منذ بداية 2025 إلى نحو 130 مليار دولار. مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لـ”ميتا”، خسر ما يقارب 27 مليار دولار، ما أدى إلى محو مكاسبه منذ بداية العام وتسجيل تراجع إجمالي قدره 28.1 مليار دولار. أما جيف بيزوس، مؤسس “أمازون”، فقد خسر بدوره 24 مليار دولار خلال يومين، لتصل خسائره الإجمالية منذ مطلع العام إلى 45.2 مليار دولار.
الأسواق الأميركية كانت الأكثر تأثراً بالتصريحات الحمائية الجديدة، حيث تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 3.4%، وهبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 4.8%، ما يعكس حجم الذعر في أوساط المستثمرين.
من الناحية الاقتصادية، تعكس هذه الخسائر هشاشة المزاج العام في الأسواق أمام التغييرات السياسية المفاجئة، خاصة تلك المرتبطة بالسياسات الحمائية والتجارة الدولية. فرض تعريفات جمركية على نطاق واسع كما أعلن ترمب يعيد إلى الأذهان أجواء الحروب التجارية التي شهدها العالم في ولايته السابقة، والتي أثرت سلباً على سلاسل التوريد والتبادل التجاري العالمي. الأسواق، بطبيعتها الاستباقية، تترجم هذه السياسات إلى تخوفات من تباطؤ اقتصادي عالمي، وانكماش محتمل في أرباح الشركات الكبرى، ما ينعكس مباشرة على ثروات كبار المستثمرين والمليارديرات.
وفي الوقت الذي يحذر فيه خبراء من استمرار هذا الاتجاه إذا ما تواصل التصعيد، يتوقع البعض أن تشكل هذه الخسائر دافعاً لإعادة تقييم السياسات الاقتصادية في الحملات السياسية القادمة، خاصة في ظل ترابط الاقتصاد العالمي وتأثره السريع بأي اضطرابات مفاجئة.