أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل التضخم السنوي في المغرب، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلكين، قد تراجع إلى 1.6% خلال شهر مارس 2025، مقابل 2.6% في فبراير الماضي، وهو ما يُعد مؤشراً على تباطؤ نسبي في وتيرة الغلاء الذي أرهق الأسر المغربية خلال الأشهر الماضية.
هذا الانخفاض يعود بالأساس إلى تباطؤ تضخم أسعار المواد الغذائية، التي انخفضت من 4.6% إلى 2.2%، في حين ظل تضخم السلع غير الغذائية مستقراً عند 1.1%. أما “التضخم الأساسي”، الذي يستثني السلع ذات الأسعار المتقلبة، فقد ارتفع بـ0.5% على أساس شهري و1.5% على أساس سنوي، مما يعكس استمرار بعض الضغوط الهيكلية على الأسعار.
ورغم إيجابية الأرقام على الورق، يطرح هذا التطور تساؤلات جوهرية حول ما إذا كان تراجع التضخم يعكس فعلاً نجاحاً حكومياً في ضبط الأسعار، أم أنه نتيجة ظرفية لعوامل موسمية وخارجية، مثل استقرار الأسواق العالمية وتراجع أسعار النفط والمواد الأولية.
ففي الوقت الذي تشير فيه الحكومة إلى “تحكمها في المؤشرات الاقتصادية الكبرى”، يلاحظ مراقبون أن الإجراءات المُعتمدة ظلت محدودة الأثر، سواء من حيث المدى أو العمق. إذ لم تشهد الأسواق إصلاحات جذرية في ما يخص سلاسل التوزيع أو ضبط الاحتكار، كما بقيت التدخلات محصورة في دعم بعض المواد بشكل ظرفي، دون بلورة سياسة غذائية واقتصادية متكاملة.
وإذا كان انخفاض التضخم يبعث على بعض التفاؤل، فإن الأثر المباشر على القدرة الشرائية للمواطن لا يزال محدوداً، خاصة في ظل ارتفاع أسعار بعض الخدمات والمواد الأساسية، واستمرار هشاشة الطبقات الوسطى والفقيرة.
الرسالة التي تخرج من هذا المعطى الإحصائي واضحة: السيطرة على الغلاء لا يمكن أن تُختزل في نسبٍ شهرية متقلبة، بل تتطلب إرادة سياسية لإعادة بناء منظومة الأسعار والتوزيع والإنتاج، بشكل يضمن العدالة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.