احتضن المركب الثقافي للحي الحسني بمدينة الدار البيضاء، اليوم الأربعاء، ندوة علمية حول موضوع “الذكاء الاصطناعي وتحديات التنمية الترابية”، نظمتها مقاطعة الحي الحسني بشراكة مع كلية العلوم عين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني، وذلك في إطار توجه يعكس الانفتاح على قضايا التحول الرقمي واستشراف دوره في خدمة التنمية المحلية.
وقد هدفت هذه الندوة إلى تسليط الضوء على الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في دعم الحكامة المجالية ومواجهة التحديات التنموية، من خلال مقاربة علمية تستحضر البعد التقني والبعد الاجتماعي للمجال الترابي، وشهدت مشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والباحثين المتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي وهندسة البيانات وصناعة القرار.
وتناول برنامج الندوة عدة محاور رئيسية، من ضمنها الذكاء الاصطناعي وهندسة البيانات المفتوحة في خدمة التنمية المستدامة، والتحول الرقمي في تدبير الجماعات الترابية، إضافة إلى عروض قاربت آفاق التعاون المحلي والدولي في هذا المجال، مع عرض لتجارب ناجحة على المستويين الوطني والدولي.
وشكل اللقاء فضاءً مفتوحا للنقاش وتبادل الرؤى بين صناع القرار والباحثين والمهنيين، حيث تم التعمق في سبل تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتطوير الأداء الترابي، مع التأكيد على ضرورة اعتماد المقاربات العلمية في رسم السياسات المحلية.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الطاهر اليوسفي، رئيس مقاطعة الحي الحسني، على أن إدماج الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحة لتعزيز نجاعة السياسات العمومية وتحقيق التنمية المنشودة، داعيًا إلى تعبئة جماعية للانخراط في هذا الورش الرقمي الواعد.
نفس التوجه تبنته الوزيرة السابقة للتضامن والإدماج الاجتماعي وتنمية المدن الذكية، عواطف حيار، التي سلطت الضوء على مفهوم “المدينة الذكية” (Smart City Concept) من خلال مقاربة تعتمد على الفعالية في تدبير الموارد، وهو ما أطلقت عليه “Frugality”، مشيرة إلى أهمية نظام “الشباك الوحيد” كأداة لتجميع البيانات وتيسير التكامل بين المنصات الرقمية، مما يسهم في تحسين خدمات القرب.
وشددت حيار على ضرورة إحداث ما سمته “التوأم الرقمي”، وهو نموذج افتراضي يحاكي البيئة الحضرية بشكل دقيق، يُمكن المسؤولين من اتخاذ قرارات مبنية على معطيات واقعية ومحينة، معتبرة أن بناء نموذج مغربي في الذكاء الاصطناعي يجب أن يراعي الخصوصية الثقافية للمجتمع المغربي وقيمه الراسخة.
من جانبه، ركز سعيد جاي الأندلسي، مدير مختبر هندسة البيانات والأنظمة الذكية بكلية العلوم عين الشق، على دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية الترابية المستدامة، مبرزًا أهمية هندسة البيانات المفتوحة في دعم التخطيط المجالي وتحسين مؤشرات التنمية.
واختتمت أشغال الندوة بتقديم عروض من الفرق المشاركة، وتم توزيع جوائز وشهادات تقديرية اعترافا بالمجهودات المبذولة في تطوير الذكاء الاصطناعي وتوظيفه لخدمة التنمية المحلية، في خطوة تروم تحفيز البحث والابتكار في مجال أصبح يشكل رافعة أساسية للمستقبل.