أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المغرب جعل من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية وطنية على المستويين الأمني والقضائي، وذلك من خلال تبني سياسات تشريعية ومؤسساتية ترتكز على الوقاية، والتجريم، والردع، والتعاون الدولي، مشدداً على أهمية المقاربة الشاملة في مواجهة هذا التهديد المتنامي، خاصة في ظل بروز إفريقيا كأحد أكثر المناطق تضرراً.
وجاءت تصريحات عبد النباوي خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول الجريمة المنظمة، التي انعقدت اليوم الخميس، حيث أبرز في كلمته أن التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تكشف عن تحولات مقلقة في بنية وأساليب شبكات الجريمة المنظمة، التي أصبحت تستغل التكنولوجيا الحديثة وهشاشة السياقات الاجتماعية والاقتصادية لتوسيع أنشطتها الإجرامية.
وفي هذا السياق، أشار المسؤول القضائي المغربي إلى أن إفريقيا أصبحت هدفاً مباشراً لهذه الشبكات العابرة للحدود، التي تمارس أنشطة تتراوح بين الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، إلى نهب الموارد الطبيعية وتأجيج الصراعات، في ظل ضعف آليات الرقابة في عدد من دول الساحل والصحراء.
وأضاف أن البحر الأبيض المتوسط يشهد بدوره تصاعداً في أنشطة التهريب المنظم، حيث سجلت الوكالة الأوروبية لحماية الحدود (Frontex) ارتفاعاً بنسبة 50% في محاولات تهريب المهاجرين غير النظاميين خلال العامين الأخيرين، مما يبرز الطابع الدولي والمركب لهذه التهديدات.
وأكد عبد النباوي أن المغرب لم يقف موقف المتفرج أمام هذه التحديات، بل باشر بإجراءات فعلية ضمن رؤيته الاستراتيجية لتعزيز الأمن القضائي، حيث انخرط المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مسار تطوير التخصص القضائي، وتفعيل التكوين المستمر للقضاة، وتعزيز قدراتهم في التعاطي مع الملفات ذات الصلة بالجرائم المعقدة، إضافة إلى تقوية التعاون مع الشبكات الإفريقية والأوروبية لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.
وشدد على أن مجابهة الجريمة المنظمة لا تقتصر على وضع نصوص قانونية تواكب تطور الأساليب الإجرامية، بل تتطلب كذلك تأهيل الموارد البشرية، وتوفير الآليات التقنية والعلمية، وتعزيز قدرات البحث والتحري، خاصة لدى القضاة وضباط الشرطة القضائية.
واعتبر عبد النباوي أن خطورة هذا النوع من الجرائم، بطابعها العابر للحدود، تستلزم تعاوناً دولياً مكثفاً في المجالين الأمني والقضائي، عبر إحداث شبكات للتنسيق الفوري وتبادل المعلومات الحساسة، داعياً في هذا الصدد إلى تفكير جماعي في تمكين الدول الإفريقية من آليات حديثة وفعالة للتواصل والعمل المشترك.