أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد الوطني واصل تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال الفصل الثاني من سنة 2025، مسجلًا نسبة نمو بلغت 4.6%، مدفوعًا بتحسن أداء القطاعات غير الفلاحية، وعلى رأسها قطاع الخدمات الذي يواصل تسجيل معدلات نمو متسارعة منذ سنة 2022، متجاوزًا المتوسط المسجل خلال العقد الماضي. كما ساهم قطاع الصناعات الاستخراجية بشكل بارز في هذا الأداء، بفضل ارتفاع الطلب الدولي على الفوسفاط الخام، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في صادراته، رغم استمرار الضغوط على أسعار الأسمدة عالميًا.
قطاع البناء بدوره شهد انتعاشًا ملموسًا بنسبة 6.8%، نتيجة دينامية مشاريع البنية التحتية الكبرى، التي ساهمت في إعادة تنشيط هذا القطاع الحيوي. أما القطاع الفلاحي، فسجل نموًا بنسبة 4.7%، رغم التباينات المناخية التي أثرت سلبًا على محاصيل مثل الزيتون والفواكه الشجرية، في حين عرف إنتاج الحبوب والخضروات تحسنًا ملحوظًا، خاصة في المناطق المروية والأقل تضررًا من ندرة المياه. وفي المقابل، استمر الإنتاج الحيواني في التراجع منذ 2022، مع تسجيل بعض التحسن في قطاع الدواجن خلال هذه الفترة.
وعلى مستوى النمو الكلي، استقرت القيمة المضافة لجميع القطاعات عند 4.5%، بدعم واضح من الطلب الداخلي، خاصة استهلاك الأسر، الذي استفاد من تحسن الأوضاع الاجتماعية والضريبية، وتطور مؤشرات التشغيل. بالمقابل، عرف الاستهلاك العمومي تباطؤًا نسبيًا، رغم نمو الإنفاق الحكومي بنسبة 5%. كما ظلت الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية مستقرة، ما انعكس على ارتفاع واردات معدات الهندسة المدنية، في وقت استأنفت فيه الاستثمارات الخاصة نشاطها بحذر، في ظل ضغوط متزايدة على مستوى التصدير والتخزين.
أما من حيث مؤشرات الأسعار، فقد تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 1.1%، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2021، بفعل انخفاض تكاليف الإنتاج، باستثناء المواد ذات الأسعار المتقلبة والتعريفات المنظمة. كما تباطأ ارتفاع أسعار الاستهلاك إلى 0.8% مقارنة بـ2% في الفصل السابق، نتيجة تحسن العرض في عدد من السلع الأساسية مثل البيض والأسماك والبقوليات. في المقابل، انخفضت أسعار السلع غير الغذائية، خصوصًا في قطاع الطاقة مع تراجع أسعار النفط والغاز، بينما استمرت أسعار الخدمات في الارتفاع بوتيرة معتدلة، متأثرة بانخفاض رسوم النقل الجوي، واستقرار أسعار المنتجات المصنعة.