الحدث بريس:الصادق عمري.
تنبري بعض المنصات والمنابر الإعلامية أو المحسوبة على الإعلام، والتي أطلق عليها “الهامش الفاشل “. لتتناول موضوعات وقضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية … قاصدة في ذلك الكيد للآخر : عبر الإشاعات والتبخيس ، وبث المغالطات في المجتمع . وقد تناول هذا الأمر أحد فقهاء المغرب في الدروس الحسنية معتمدا على الآية الكريمة في القرآن الكريم : “يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين “.
أصبح اختصاص هؤلاء الأشخاص المرضى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي هو هدم القيم الإنسانية النبيلة ، ونشر ثقافة الريبة ، و البؤس والعدمية ،والتشكيك في رموز ومؤسسات الدولة ،وتلفيق التهم والكيد للخصوم . مع إنكار وجحود و تبخيس ممنهج للمشاريع التنموية : العمرانية منها والصناعية والاجتماعية والإنسانية بصفة عامة.
في هذا الزمن “الاغبر” بالتعبير المصري غدت هذه المواقع مطارح لوضع الازبال ، وتجميع النفايات والتي لا يلتم حولها إلا الذباب ، وتطوف حولها الكلاب والقوارض الضالة .. وهم من كل حدب ينسلون .. ترادفها وتعاضددها تعاليق وصور الغوغاء الماكرة وجحافل الدهماء المتناسلة ، وقد جندت أساليبها البذيئة راتعة ، من قواميس السب والقذف و منتشية بعبارات الكيد والعنصرية .
هذا الوضع القائم المريع والمريب ، والمعيب ،هو الذي يطلع لنا على مدار الساعة في الوطن العربي عبر ” اليوتوب والفايس بوك وتويتر “…
حيث تحولت ثقافة البناء إلى ثقافة هدم ، والقيم الاجتماعية والإنسانية إلى وصفات نكد وهم . ومعها انساقت في العبث وتحولت بعض الكائنات العربية إلى مسخ سوريالي .
من يريد وجع القلب و انسداد النفس وفساد العقل والذاكرة ، ماعليه إلا أن يضغط على فيديوهات النذالة والجبن . ويشارك مشاهد العهر، و صور مستنبتات الحقد وهي تنمو كالفطر. ينظر معلبات الكراهية الصرفة مشفوعة بخطوط لعناوين حمراء وصفراء … ، سيشاهد مدى الانحدار القيمي ، ومستويات النزول الى القاع المعلوماتي المعاملاتي ، و الذي لا علاقة له بدين ولا تمدن . أما قاموس جلد الذات فهو الصوت المصفى ، والنغم المصطفى .
التشكيك في القدرات العلمية والثقافية والبشرية ، الطعن في وطنية ومصداقية الرموز ، وفي التماسك والوفاء الأسري … “
وهو ما يقوم به الآن _ عبر منابر حرية التعبير وابداء الرأي _ قوم بأجرة ، أو بغير أجرة لنيل شهرة من خارج الوطن ومن داخله بكل صفاقة ولؤم ، يتتبعون عورات البيوت و زلات ، وهفوات وسقطات الناس ضنا منهم انهم سينالون الرضى المجتمعي باعتبارهم مصلحين اجتماعيين وهم إلى السفالة والضعة أدنى وأقرب ، بل هم إلى نسغها وجوهرها أنسب .
وهذا الأمر الاحقر مدروس و مخطط له لأنه يدخل في خانة إرباك الشعوب الصاعدة ، وإخراجها عن الجادة ، وإتلاف لملامح ومعالم سيرها نحو التقدم العلمي والرقي الحضاري ، ولقد صدق الشيخ الرفاعي الفقيه الصوفي الأشعري ( 512 _578) حين قال ” إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك ثلاث خطوات هي : 1/ هدم الأسرة 2/ هدم التعليم 3/ إسقاط القدوة …
لكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم ،
لكي تهدم التعليم عليك بالمعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع ، وقلل من مكانته فيحتقره طلابه .
ولكي تسقط القدرات عليك بالعلماء ،اطعن فيهم ، قلل من شأنهم شكك فيهم اجعلهم مثارا للاختلافات حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم ” . ولعمري ان هذا ما يشاهد ويعاين في هذه المنابر المارقة ، التي لا ترى ولا تنشر إلا العيوب ، ولا تتابع إلا المثالب والثقوب .. “فإذا اختفت الأم الواعية ، واختفى المعلم المخلص، وسقطت القدوة والمرجعية ،عندها تسقط الأمة “
وهذا ما يفعله الذباب الإلكتروني القبيح الفعال السيء الخصال ، عبر صفحات التواصل لخلق مجتمع مريض، مشوه نفسيا وعقليا بنفس الطريقة التي تصنع بها افلام الكارتون المشوهة للصور الادمية والحيوانية … وافلام الجرائم والعنف والدم ، الموجهة قصدا لشباب العالم العربي وفي ذلك ما فيه من إنتاج لأجيال متوترة عنيفة و غير متسامحة.
إن استغلال منصات التواصل الاجتماعي عبر الكيد الإلكتروني ،و تبخيس المنجزات،ونشر الإشاعة المغرضة ، والتقليل من شأن مؤسسات الدولة ورموزها ، والنقد الهدام … وغيرها لابد أن تكون له انعكاسات فادحة في المستقبل القريب إذا لم تكن هناك برامج للتوعية والتثقيف بشراكة مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وهو الأمر الذي يجب على المجتمع ككل أن ينهض له قبل فوات الاوان .