الحدث بريس:المختار العيرج.
ظلت دوي منيع على امتداد تاريخ طويل تضع يدها على تراب شاسع و كبير، يمتد من ولاية بشار و إلى تخوم قصر السوق ( الرشيدية حاليا )، فبولاية بشار تسيطر على سهل العبادلة ( كير) و هو ضعف سهل تافيلالت، و بتافيلالت بمفهومها الجغرافي و التاريخي كان خمسان من أصل خمسة اخماس دوي منيع يحوزان اراضي فلاحية و نخيل بالريصاني عموما و الغرفة خصوصا، و على امتداد هذه الاراضي المترامية من الريصاني و امفيس و مرزوكة و قصر السوق و بودنيب و بوعنان و عين الشواطر ..ظلت هذه المواضع و الصحراء عموما مجالها الخاص بالرعي و الإقامة تتنقل بخيامها و قطعانها فارضة سلطتها على المجال… و بذلك تعد دوي منيع بدون مبالغة و لا ادعاء و لا مزايدة الجماعة المستحوذة على اشسع الاراضي الجماعية، و هي اكبر جماعة سلالية في المنطقة .
و لم تفقد هذه الصفة و هذه المميزات إلا ابتداء من استقلال الجزائر سنة 1962، لما فوتت فرنسا الساورة للجزائر، رغم ان المغرب عمد منذ اواخر سنة 1957 إلى إحداث قيادة دوي منيع بتافيلالت، فكانت قيادة سياسية أكثر منها إدارية، ليست لها حدود ترابية.. انتقلت عبر مناطق متعددة من اقليم قصر السوق : ارفود – بودنيب- عين الشواطر، و هو ما يعني اقرار السلطات بأن مجالها شاسع يضم كل هذا التراب … إلا انه بعد تقسيم دوي منيع بين المغرب و الجزائر و غلق الحدود و بروز الصراع و الخلاف بين الدولتين، سيتقلص غلاف الاراضي السلالية، فجزء هام صار أراضي عازلة بينهما، و عقب ذلك التقسيم الاداري الذي صارت بموجبه الجماعات السلالية لعين الشواطر الخاضعة لاقليم فجيج الجديد انذاك، تابعة لقيادة دوي منيع، سيحشر دوي منيع في زاوية ضيقة لم يعرفوا لها مثيلا منذ أن وعوا وجودهم، فالجماعات السلالية المسقرة في قصور الرشيدية و فجيج استولت مستغلة قوانين مركزية مجحفة، على اراضي الرعي التي كان جلها اراضي سلالية لدوي منيع .
إن دوي منيع المغرب، وجدوا انفسهم عقب تقسيم الانسان و الارض بعد استقلال البلدين، وجدوا انفسهم في وضع لا يحسدون عليه : تهميش كبير و ظلم لا يوصف، فاراضيهم السلالية بالجزائر ذهبت ادراج الرياح، و لم يعد لهم بحكم استقرارهم و جنسيتهم المغربية الحق فيها، و تلك الموجودة داخل التراب الوطني جزء منها صار منطقة عازلة بين المغرب و الجزائر، و الجزء الاخر فوت لجماعات سلالية، و بقي الفتات و هو اما اراضي ملحية او مناطق اريد لها ان تصبح اراضي متنازع حولها كحالة البلبيلة وستعمر معاناة دوي منيع و يطول حرمانهم مما ينعم به غيرهم …
ان هذه الاوضاع تدفع السكان ليتساءلوا هل هناك من يبيت لدوي منيع و يسعى لجرهم لاعمال لا يرغبون فيها و ليست من شيمهم، ففي هذا الزمن الذي صارت فيه الاحتجاجات و المظاهرات و المسيرات تقليدا يوميا، يجازى عليه المتظاهرون و ينصفون مازال دوي منيع يعولون لحد الساعة على حكمة المسؤولين و تفهمهم، فهم واعون بوضعهم الحساس و مقتنعون باولوية المصالح الوطنية العليا لكنهم في نفس الوقت يشعرون بان هذا القهر و هذا الظلم لم يعودوا قادرين على تحمله و هم يرون بأم أعينهم كيف تدلل جماعات سلالية و كيف هم يذلون …فهل سيطول الانتظار. ؟