“جون أفريك” تفتح ملف تندوف: نزاع تجاوز ضحاياه والحكم الذاتي خيار واقعي

0

في تقرير مطول نشرته مجلة جون أفريك، سلّط الكاتب الموريتاني مبارك ولد بيروك الضوء على الوضع الإنساني والسياسي المتدهور داخل مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، حيث يرزح آلاف الصحراويين تحت وطأة نزاع إقليمي امتد لأكثر من خمسين سنة، دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل.

يصف التقرير حياة اللاجئين هناك بأنها “رتيبة، ثقيلة، وصامتة”، لا تشوبها إلا أصوات الانفجارات البعيدة في السماء. حياة محصورة في الخيام والطين، لا يعرف معظم ساكنيها وطنا سوى هذه البقعة المعزولة، ولم يُتح لهم في يوم من الأيام أن يكونوا طرفا حقيقيا في صراع يتجاوزهم ويخدم حسابات خارجية.

بحسب جون أفريك، فإن الجيل الجديد داخل المخيمات يتجه تدريجيا إلى التخلي عن الشعارات القديمة التي كانت تؤثث الخطاب الانفصالي. من كانوا بالأمس يُرددون خطابات الثورة والتحرير، صاروا اليوم يكتفون بالركض خلف صهاريج الماء والإعانات الغذائية. أما رموز الجبهة، فدفنتها الذاكرة الجماعية، وبدأ يتشكل وعي جديد يبتعد عن اليوتوبيا السياسية.

السلطة داخل المخيمات لا تزال في يد قيادة البوليساريو، التي يُديرها نظام مغلق ومشبوه، تراقبه ميليشيات وتُفرض فيه تصاريح للتنقل، بينما يُفتح الباب أمام “المحظوظين” للهروب نحو الجزائر أو موريتانيا أو حتى إسبانيا. وفي المقابل، يُعاين الشباب انعدام الأفق: لا مشروع سياسي واقعي، لا مستقبل واضح، ولا حلم بدولة لم تُولد يوما.

التقرير يذهب إلى ما هو أبعد من الجانب الإنساني، ويُشير إلى أن الجزائر نفسها، التي رعت المشروع الانفصالي لعقود، فقدت الثقة في إمكانية تحقيق أي نصر للبوليساريو. شهادة أحد القادة السابقين للجبهة، والذي عاد إلى المغرب، كشفت عن تصريح لمسؤول جزائري نصه: “لا تحلموا بعد اليوم بأي نصر عسكري على المغرب”. عبارة تُختصر فيها نهاية مرحلة من الأوهام.

وتُحذر جون أفريك من مغبة استمرار الوضع الراهن، مشيرة إلى أن أي محاولة لفرض سلطة للجبهة قد تفتح الباب أمام قوى متطرفة أو شبكات مسلحة تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة. فالمغرب، بحسب المجلة، يعتبر الصحراء قضية وجودية، وموريتانيا تراقب بقلق أي تحرك قد يزعزع استقرار حدودها الشمالية.

من جهة أخرى، تُبرز المجلة أن الطرح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي بات يُنظر إليه باعتباره “الخيار الأكثر واقعية”، ويُمثل مخرجا مشرفا للصحراويين، يمنحهم إمكانية تدبير شؤونهم الداخلية ضمن السيادة المغربية، دون الدخول في مغامرات الانفصال أو بناء كيانات غير قابلة للحياة.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد