في ظل سنوات متتالية من الجفاف وتغيرات مناخية غير مسبوقة، جاءت التساقطات المطرية الأخيرة لتشكل نقطة تحول في المشهد الزراعي المغربي. هذه الأمطار لم تكن مجرد ظاهرة جوية عابرة، بل حملت في طياتها وعودًا جديدة للقطاع الزراعي والمخزون المائي في البلاد.
بعد سبع سنوات من الجفاف المستمر، عانى فيها القطاع الزراعي من انخفاض حاد في الإنتاجية وفقدان العديد من الوظائف، جاءت الأمطار لتنعش الآمال. وفقًا لبيانات وزارة الفلاحة، فقدت الزراعة المطرية نحو 38% من قدرتها الإنتاجية و31% من مساحتها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، مما أثر سلبًا على محاصيل الحبوب وزيادة وارداتها.
مع تحسن الأحوال الجوية، شهدت السدود المغربية ارتفاعًا في مستويات المياه المخزنة. هذا الارتفاع أسهم في زيادة المخزون المائي، مما ينعكس إيجابًا على عمليات الري ويعزز من إنتاجية المحاصيل الزراعية. كما ساهمت الأمطار في تغذية المياه الجوفية، مما يضمن استدامة الموارد المائية في المناطق الريفية.
بالإضافة إلى ذلك، أدت الأمطار إلى تحسن في إنتاجية المحاصيل الزراعية، خاصة الحبوب والخضروات. هذا التحسن ساهم في زيادة دخل الفلاحين وتحسين الأمن الغذائي في البلاد. كما أدى إلى انخفاض أسعار بعض المواد الغذائية في الأسواق المحلية.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذه المكاسب. فالتغيرات المناخية ما زالت تشكل تهديدًا مستمرًا للقطاع الزراعي. لذلك، يتعين على المغرب تعزيز استراتيجيات إدارة المياه، مثل بناء المزيد من السدود وتطوير تقنيات الري الحديثة، لضمان استدامة الإنتاج الزراعي وحماية الموارد المائية للأجيال القادمة.
و تمثل الأمطار الأخيرة فرصة للقطاع الزراعي المغربي لتجاوز تحديات الماضي وبناء مستقبل أكثر استدامة. لكن هذا يتطلب تكاتف الجهود وتبني سياسات فعّالة لضمان استدامة الموارد المائية وتعزيز الإنتاجية الزراعية في مواجهة التغيرات المناخية.