في خطوة تُعَدّ جزءًا من الحملة الأمريكية المتزايدة لمواجهة النفوذ التكنولوجي الصيني، تدرس إدارة الرئيس دونالد ترامب حظر تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” (DeepSeek) من أجهزة الحكومة الأمريكية، في إطار مخاوف متزايدة بشأن الأمن القومي.
هذه التحركات تأتي على خلفية قلق المسؤولين الأمريكيين من كيفية تعامل التطبيق مع بيانات المستخدمين، حيث تزعم الشركة المطورة أنه يتم تخزين البيانات على خوادم تقع في الصين، ما يعزز المخاوف حول إمكانية وصول الحكومة الصينية إليها واستخدامها لأغراض سياسية أو تجسسية.
“ديب سيك”، الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتحليل البيانات وتقديم استشارات استراتيجية، أصبح محل جدل واسع بين صناع القرار الأمريكيين. حيث يشير المسؤولون إلى أنه مع تزايد اعتماد الحكومات والشركات الكبرى على الذكاء الاصطناعي، باتت التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني جزءًا أساسيًا من النقاشات الجيوسياسية.
في هذه الحالة، فإن السماح لتطبيق صيني مثل “ديب سيك” بالعمل في الأجهزة الحكومية الأمريكية قد يشكل خطرًا على الأمن القومي إذا تم استخدامه لجمع وتحليل بيانات حساسة.
إضافة إلى المخاوف الأمنية، يأتي هذا التحرك في وقت حساس بالنسبة للعلاقات الأمريكية الصينية، التي شهدت توترًا متزايدًا في السنوات الأخيرة في مجالات التجارة والتكنولوجيا.
فبعد حظر تطبيق “تيك توك” في عدة مؤسسات حكومية أمريكية، تعد هذه الخطوة استمرارًا في الجهود الأمريكية للحد من التأثيرات الصينية في مجال التكنولوجيا الحديثة. على سبيل المثال، في 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة “هواوي” الصينية، ما أثر بشكل كبير على نشاطها في الأسواق الأمريكية.
من جانب آخر، يشير الخبراء إلى أن هذه التحركات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانقسام التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين.
حيث يتوقع بعض المحللين أن يؤدي هذا إلى سباق تسلح تكنولوجي، حيث تسعى كل دولة إلى تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي متفوقة على الأخرى.
على الرغم من أن الصين تتفوق حاليًا على الولايات المتحدة في بعض مجالات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الولايات المتحدة تسعى لمواجهة هذه الهيمنة من خلال استثمار ضخم في البحث والتطوير التكنولوجي.
يُذكر أن حظر “ديب سيك” على الأجهزة الحكومية في الولايات المتحدة قد لا يقتصر على هذه المرحلة، فقد تشمل التدابير الأمريكية قيودًا إضافية على استخدام التطبيقات والخدمات الصينية في مؤسسات أخرى، مثل الشركات الخاصة.
في هذا السياق، يعكس هذا الحظر إصرارًا على تحقيق التفوق التكنولوجي وحماية البنية التحتية الرقمية من أي تهديدات قد تؤثر على الأمن الوطني.
في سياق متصل، يشير تقرير حديث لوكالة “رويترز” إلى أن المسؤولين الأمريكيين قد يسعون لفرض حظر على “ديب سيك” في مختلف القطاعات الحكومية، خاصة بعد أن أصبح التطبيق يعكس ملامح مرحلة جديدة في النزاع التكنولوجي بين القوتين العظمتين.
هذه التصريحات تدل على أن الحرب الباردة الرقمية قد تأخذ طابعًا جديدًا، حيث تتزايد المخاوف من أن أي تقنيات متقدمة قد تشكل تهديدًا للأمن القومي إذا لم تكن تحت السيطرة.
من جهة أخرى، تعزز هذه التدابير الموقف الأمريكي الذي يرفض السماح للدول الأجنبية باستخدام تقنيات قد تمثل تهديدًا للأمن، وقد تمتد هذه السياسة إلى التطبيقات الأخرى التي يتم تطويرها في الصين.
في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة نموًا سريعًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، يسعى البيت الأبيض إلى تقليص استخدام تطبيقات قد تشكل تهديدًا للأمن الإلكتروني في ظل التهديدات المستمرة في هذا المجال.
هذه التدابير تطرح تساؤلات حول مدى تأثيرها على الشركات الأمريكية التي تعتمد على هذه التقنيات الصينية، وكيفية تعامل الحكومة الأمريكية مع الشركات الخاصة في ما يتعلق بالحفاظ على الأمان الرقمي.
التحدي الأكبر يبقى في موازنة الفوائد التكنولوجية مع الحاجة لحماية الأمن القومي في عالم يشهد تحولًا رقميًا سريعًا.
إذا استمرت الولايات المتحدة في هذه السياسة، فقد يؤدي ذلك إلى تشديد الضغط على الصين وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لديها، ما قد يساهم في تغييرات جوهرية في كيفية تطوير واحتكار هذه التقنيات.
سيكون من المهم مراقبة كيفية تفاعل الصين مع هذه السياسات وكيف سيؤثر ذلك على السوق العالمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.