شكل عدم الانسجام بين رهانات التنمية السوسيو اقتصادية، وضعف التخطيط والبرمجة إلى جانب عدم الترابط الجيد بين العملي والبرمجي وسوء تعبئة الموارد البشرية، تحديا كبيرا وواقعا متوارثا عبر مختلف النخب والمجالس التي تعاقبت على مختلف الجماعات الترابية ، مما جعل حبل التعاقد مع الناخب ايل للإنصرام والحل .
ومن شأن هذا أن يعرقل التنمية ويعيد عجلتها إلى الوراء ، ويبرز للمتتبع مدى صدقية برامج العمل ومن تم خلق إشكالية التنمية المجالية . غير أن هذا الإشكال له ما يبرره إذا ما استحضرنا دور العنصر البشري و غياب القدرة على استحضار التدبير التشاركي الجيد الذي يراعي الموروث الحاضر، ويستشرف مواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية.
إن غياب التكوين وعدم الإلمام بمعرفة تدبير الشأن الترابي لا يمكن المنتخب من ممارسة مهامه بالشكل المطلوب ، فيجعل دوره مقتصرا على التصويت وأداة للمصادقة على المقررات لا غير. وهذا ما يجعل اكثر الجماعات عاجزة عن تحقيق التنمية لعدم معرفة المنتخب دوره الحقيقي داخل مجاله الترابي ، مما ينعكس سلبا على الانسجام داخل المجالس و يترك فراغا وضعفا واضحين في قوة الاقتراحات والتداول في مختلف دوراته . وعليه؛ هنا يتولد لدى المنتخب القبول والرضى بالأمر الواقع لعدم استيعابه للنصوص القانونية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى عدم قدرته على استيعاب المجال الترابي ، وقلة الاحتكاك بالمحيط والبعد عن التناغم مع مشاكل الساكنة .
كل هذ الى جانب سيطرة اللامبالاة على اقتراحاته التي تجسدها كثرة الغيابات في مختلف اللجن اثناء دراسة النقط المعروضة عليها وبعد الانسجام بين الاعضاء اما انطلاقا من صراعات سياسية وشخصية، واحيانا لكون اغلب المنتخبين يحصلون على المقاعد انطلاقا من حصولهم على التزكيات ، مما يجعل التدبير ضعيف والتأخر في تنفيد المشاريع أحد مخرجاته ، ومعيارا لنجاح النخب السياسية ممارسة وتنظيما سواء تعلق الأمر بالأغلبية أو المعارضة …
فغياب الدقة في الأفكار المطروحة ، وقلة طرح الحلول والرؤى لاستشراف المستقبل وتقويم الحاضر، هو سر نجاح التدبير لكل جماعة . هذا ما يحتم استحضار مبدأ الحكامة الجيدة بعيدا عن الأساليب القديمة في تدبير الشأن الترابي المحلي طبقا لما في القوانين التنظيمية التي افرزها دستورر2011 ، غير أن الملاحظ اليوم هو ان الواقع خلاف ذلك ، فضعف التدبير الترابي اليوم يرجع بالأساس الى ضعف التكوين ، وعدم الإلمام بالقوانين التنظيمية وقلة التجربة ، و الجهل بما تنص عليه القوانين المعدة لذلك …
بقلم مصطفى هادي.