أبرزت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، اليوم الأربعاء 11 ماي الجاري. في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان الجهود المحمودة والتدابير التي اتخذتها المملكة، طبقا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس. في سياق وطني ودولي يعرف تحولات متسارعة.
وتطرقت العدوي في عرض أمام المؤسسة التشريعية عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 و2020. إلى التغييرات الجذرية التي فرضتها جائحة كوفيد 19. إضافة إلى تزامن مجموعة من العوامل ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والجيوسياسي. والتي أدت إلى مراجعات عميقة للاختيارات الاستراتيجية للدول. أهمها إعادة النظر في مسار العولمة ووضع العنصر البشري والاهتمام بحياة الإنسان في صلب أولويات السياسات العمومية.
وتوقفت في هذا الصدد، عند التدابير المتخذة على الصعيد الوطني. والتي استهدفت في مرحلة أولى، توظيف الإمكانات المالية التي أتاحها الصندوق التضامني لكوفيد 19. وفي مرحلة لاحقة، وضع خطة متكاملة لإنعاش الاقتصاد من خلال إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار. للنهوض بالأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل مختلف المشاريع الاستثمارية.
الدروس المستخلصة
واعتبرت العدوي أن من أهم الدروس المستخلصة من هذه الأزمة أن المملكة تمكنت من التخفيف من الانعكاسات المباشرة للجائحة. أساسا بفضل روح الالتزام والمواطنة التي أبان عنها المغاربة. سواء خلال مرحلة الحجر الصحي أوفي المراحل اللاحقة المرتبطة بالحملة الوطنية للتلقيح. “مما ساعد العديد من الأنشطة الاقتصادية على التعافي تدريجيا”.
وأفادت في هذا السياق، بأن الاقتصاد الوطني سجل نموا بأكثر من7 بالمائة في سنة 2021. بعد انكماش بـ3ر6 بالمائة سنة 2020. كما حافظت المملكة على جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية حيث تنامت بنسبة 5ر20 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2020.
وأضافت بأن المدخرات الوطنية من العملة الصعبة تحسنت وبلغت ما يعادل 6 أشهر و22 يوما من واردات السلع والخدمات. بفضل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي سجلت مبالغ قياسية وصلت إلى 3ر93 مليار درهم أي بزيادة بلغت 8ر36 بالمائة.
تحديات كبرى
غير أن العدوي، سجلت أنه على الرغم من ذلك فإن التطورات اللاحقة للجائحة إضافة الى الانعكاسات السلبية لموسم الجفاف. ومدى قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود أمام الإكراهات الخارجية، كل هذه العوامل تفرض مواجهة تحديات كبرى.
ويأتي في مقدمة هذه التحديات، حسب العدوي، تعزيز مكانة المغرب وتحصين مناعته في المجالات الصحية والطاقية، والصناعية والغذائية. وتأهيل العنصر البشري وتوفير الظروف المواتية للاستفادة من الفرص التي يتيحها التحول الرقمي. بالإضافة إلى تسريع وتيرة الأوراش الكبرى كتعميم الحماية الاجتماعية في أفق سنة 2025. وورش الإصلاح الجبائي والمؤسسات العمومية وتفعيل الميثاق الجديد للاستثمار.
كما تشمل هذه التحديات ضرورة تنزيل النموذج التنموي الجديد. خاصة في ما يتعلق بالخلاصات الجوهرية التي تستهدف مجال الحكامة والتدبير العمومي. لاسيما تطوير قدرات مختلف الفاعلين العموميين على الاستباق الاستراتيجي وتدبير وتدارك المخاطر. وتجريب واحتضان الحلول والمشاريع، مع التحفيز على المشاريع والمقاربات المهيكلة ذات الأمد المتوسط والبعيد. وتشجيع بلورة سياسات عمومية ناجعة ومنسقة. تقوم على التحليل والمعطيات، وتهدف إلى تحقيق مكاسب تنموية لصالح عموم المواطنين. وتحسين قدرات الإدارة لتنفيذ السياسات العمومية بفعالية وبوتيرة أسرع. مع تركيز التدبير على نجاعة الأداء وخدمة المواطن، والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة.
مهام المجلس الأعلى للحسابات
وكانت العدوي قد توقفت في مستهل هذا العرض عند المهام التي أسندها دستور المملكة للمجلس الأعلى للحسابات. فيما يخص الرقابة العليا على المالية العمومية وتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة. مشيرة إلى أن الوثيقة الدستورية أناطت بالمجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها. كما خول الدستور للمحاكم المالية صلاحية المعاقبة، عند الاقتضاء، عن كل إخلال بالقواعد السارية على عمليات مداخيل ومصاريف الأجهزة العمومية.
كما اعتبرت أن هذا اللقاء الذي ينعقد طبقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور يعد “محطة دستورية بامتياز، نعتز بها، إذ تتوخى تفعيل مبدأ المساءلة والإسهام في تعميق النقاش العمومي ببلادنا حول إشكاليات التدبير العمومي وتنزيل السياسات والبرامج العمومية وتقييمها ورصد الاختلالات التي قد تعتريها وكذا اقتراح السبل والبدائل الكفيلة بضمان أثرها الإيجابي على المواطن وعلى الاستثمار والشغل”.