الحدث بريس…مصطفى هادي
تتربع القصور التحويلية الأربع : امجوج، اينكبي ، ايت با موحا ، واولتكير على مشارف أبواب مدخلي جماعة الرشيدية على إمتداد شارعين يحملان أسماء لرموز وطنية و دلالات تاريخية : مدخل شمالي يحمل إسم شارع الحسن الثاني، و مدخل غربي يحمل إسم شارع مولاي علي الشريف.
و جميع تلك القصور تمنح لزوار المدينة إنطباعات خاصة حول هندستها المعمارية و رمزيتها التاريخية، كما تبحر بمخيلتهم إلى العمق التاريخي للقصور و ما تحمله من دلالات حضارية و تاريخية مستوحاة من مكنون اسرار أسوارها و أبوابها و أبراجها و عادات و تقاليد ساكنتها و جدورها التي تعود إلى واحة زيز.
كما قد تعصف في الأدهان سيلا من الأسئلة حول أسباب الإهمال و التعامل العشوائي معها من قبال المسؤولين و لامبالاة المهتمين الباحثين في الموروث الحضاري التاريخي لمدينة الرشيدية، في وقت نرى فيه تضارب الآراء على مواقع التواصل الإجتماعي و المجموعات المحلية و الإقليمية و الجهوية بمختلف الوسائط، حول أقدمية الأحياء بمدينة الرشيدية و أحقية الإهتمام بها.
دون إعطاء أهمية لهذه القصور التي تعد من بين الاقدم تواجدا إذ تعود نشأتها إلى نهاية ستينيات القرن الماضي، ليتم ترحيل ساكنة القصور التي بني على انقاضها سد الحسن الداخل اليها بداية سبعينيات القرن الماضي على إثر فيضانات وادي زيز وما خلفه من كوارث…
و اليوم أصبحت القصور التحويلية بأسوارها و أبوابها و أبراجها المترامية الأطراف، تروي تاريخ نشاءتها و سطو حضارة عمرانية دخيلة على مكوناتها، و تراتها الزاخر بكثير من القيم و الأفكار و التقاليد، التي تراكمت عبر الأجيال فهي تمثل هوية تاريخ ساكنتها المادي و المعنوي. و لأهمية هذا التراث العمراني و قيمته الدلالية المعمارية التاريخية و جمعه بين الحاضر و الأصيل…
و لاشك أن المتتبع لمختلف مداولات المجلس الجماعي الحالي في مختلف دوراته، يرى أن الأعضاء في مختلف تدخلاتهم يلحون على ضرورة النهوض بالأحياء ناقصة التجهيز.
و في الجهة المقابلة نجد من يروج أن المجالس السابقة قد رصدت لبعض هذه الأحياء و من ضمنها القصور التحويلية دراسات و مبالغ لإعادة هيكلتها و تهيئتها، يكذبون الكذبة و يصدقونها تاركين الساكنة تردد أسطوانتهم الكاذبة…
و لتحقيق الجاذبية السياحية حري بالقائمين على الشأن المحلى و المحافظين على المعمار التقليدي الواحي الإهتمام بهذه القصور، عبر الترميم و الصيانة للمحافظة على الرمزية القيمية و التاريخية لهذا التراث الأصيل، و إستحضار القيمة النفعية و الجمالية للمباني داخل القصور و ربطها بالبيئة المحلية، وفق تصور حضاري اصيل يحافظ على طابعها و يواءمه مع العصر. إضافة إلى عدم دفن جمالية أسوارها و حجب أبوابها على الزائرين ببنايات إسمنتية تحد من قيمتها المعمارية و جاذبيتها السياحية، و تشجير جنباتها بأشجار تتجانس مع طابعها المعماري…
و قد فطن المجلس الجماعي فأولى إهتمامه بها عبر تسطيرها و تضمنها في برنامج عمله، و إلتزما بشعار الجاذبية و الجمالية السياحية التي يرفعها و ينادي بها في مختلف الأوراش التي أطلقها بالمدينة.
و قد يعزز هذا الإهتمام الدفع بالمهتمين للخوض في إحياء الذاكرة المحلية، و تشجيع البحوث في التراث العمراني للمحافظة عليه، حتى لا تفقد المدينة ماضيها و هويتها، و يندثر تراثها أمام الأشكال العمرانية الحديثة.
و يبقى على الإعتزاز و المفخرة للأبناء بالجمالية السياحية للقصور عبر حماية أسوارها و تهيئة ازقتها و تأهيل ساحتها وفق رؤية تحافظ و توثق كافة الجوانب و المعالم بما يخدم الجمالية السياحية، و تجسيد ذلك بجداريات فنية تزين أسوارها و تؤكد طابع الإهتمام و الأولوية، و ليس جعلها من الدرجة الثانية أو الثالثة حتى لا تزداد التكلفة و اللوم، خاصة أن لهذه القصور قيمة تاريخية و معمارية و بيئية و نفعية. و هذا يفرض على المجلس أن يعطيها الأولوية.
لإستكمال و تحقيق مشروع الجاذبية السياحية بجماعة الرشيدية. لأن تغيب هذا الإهتمام يبقى مشروع الجاذبية مجرد شعار بلا روح و الجاذبية بلا غاية خاصة و أن منطلق الجمالية و الجاذبية يكون من أبواب المدينة و مداخلها و ليس من وسطها…