شرع قضاة المجلس الأعلى للحسابات في مراجعة ملفات برنامج “فرصة” الذي أُطلق بهدف دعم الشباب وتمكينهم من إطلاق مشاريعهم الخاصة عبر تمويلات بدون فوائد ومواكبة تأطيرية، في خطوة تهدف إلى التحقق من مدى احترام مساطر صرف التمويلات للفئات المستهدفة واستيعاب ملاحظات المتتبعين.
هذا التحرك جاء بعد توصل بعض المؤسسات الوطنية بشكاوى من عدد من حاملي المشاريع، عبّروا فيها عن تضررهم من حرمانهم من الدعم رغم استيفائهم لجميع الشروط. وأكدت مصادر مطلعة أن عدداً من المتقدمين أنهوا كافة المراحل، من التكوين إلى توقيع العقود، قبل أن يُفاجؤوا بعدم توصلهم بالتمويل دون تلقي تبريرات واضحة، ما وضع بعضهم في مواقف مالية صعبة.
تدخل إحدى المؤسسات الدستورية ساهم في إعادة النظر في مئات الملفات، مما أفضى إلى تمكين العديد من المتضررين من الاستفادة من التمويل بعد التأكد من سلامة ملفاتهم. غير أن استمرار ورود حالات مشابهة يعيد الجدل حول نجاعة آليات الانتقاء والتواصل، ومدى انسجام الجهات المتدخلة في هذا المشروع الوطني.
عدد من الشهادات المتداولة أظهرت وجود تفاوت بين وعود البرنامج وتجربة بعض المستفيدين، حيث تحدث البعض عن التزامات مادية سابقة للتمويل، مثل أداء واجبات الكراء أو تجهيز المشاريع، دون ضمان فعلي لصرف القروض. كما أثيرت تساؤلات حول دور بعض الهيئات الوسيطة، خصوصاً ما يتعلق بسرعة المعالجة وشفافية القرار.
رغم هذه الإشكالات، يؤكد المسؤولون المشرفون على البرنامج أن العملية تتم وفق مساطر مضبوطة، وأن أي تأخير لا يعني الإقصاء النهائي. كما أشاروا إلى أن البرنامج حقق أهدافاً مهمة على مستوى عدد المستفيدين، والتكوينات الممنوحة، ومواكبة حاملي المشاريع في الميدان، مع تسجيل حرص متواصل على تصحيح الثغرات كلما ظهرت.
فتح ملف مراجعة البرنامج من طرف جهاز رقابي بهذا الحجم يعكس أهمية الموضوع وحساسيته الاجتماعية، كما يُنتظر أن يفضي إلى اقتراح توصيات تروم تعزيز الثقة وضمان العدالة في الاستفادة. فالمراهنة على مبادرات من هذا النوع تظل أساسية في مواجهة البطالة وتحفيز ريادة الأعمال، لكنها في الوقت نفسه تقتضي حكامة دقيقة وآليات مراقبة فعالة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بشفافية ومسؤولية.