وجه الإعلامي المتميز في قناة ميدي 1 تيقي وصاحب برنامج ب م B M رسالة قوية إلى الجمهور المصري الذي انتقد وقوف جانب من الجمهور المغربي في صف ريال مدريد وإليك نص الرسالة :
قرأت يميناً ويساراً أن بعضاً من فئات الجمهور المصري تعيب على فئات من الجمهور المغربي تشجيعها ريال مدريد على حساب الأهلي في نصف نهائي “الموندياليتو” الذي تحتضنه أرض المغرب الكريمة والمضيافة.
عزيزي المُعاتب،
قبل أن تنطلق في عتابك، يلزمك أولاً أن تسأل بعثة الأهلي لتشرح لك كيف أكرم المغرب والمغاربة وفادة الأشقاء، ويلزمك ثانياً أن تستوعب أن عاشق الكرة في المغرب يختلف عن عاشق الكرة في الشقيقة مصر، وفي كل البقاع الأخرى. هنا في المغرب يحق لي أن أشجع الريال أو أولمبيك مارسيليا أكثر من تشجيعي الرجاء أو الوداد. هنا في المغرب، يحق لي أيضا أن أساند اتحاد طنجة، وإن كنت أقيم في الرباط التي تحتضن أندية عريقة مثل الجيش الملكي والفتح الرباطي.
هنا في أرض المغرب لا نُلبس الكرة ذلك الكم من عاطفة زائدة وزائفة في أغلب الأحيان، وهنا في المغرب تعثر على أعز الأصدقاء يعشقون فرقاً متنافسة، بمرجعيات مختلفة. هنا في المغرب، ربحنا الإسبان في المونديال، لكن هذا لا يجعلنا نعتبر أن فرقهم ستبقى على الدوام خصماً لنا، وهنا في المغرب نترك الكرة في مكانها، ويحتدم النقاش بيننا في وقت التنافس لنعبر لمواجهة تفاصيل الحياة التي صارت معقدة أكثر في كل بقاع الدنيا.
هنا في المغرب لا يمكن أن أقبل أن يتبجح أي كان بمساندته للمنتخب المغربي في المونديال، وينتظر مني في الآن أن أشجع فريقه كرد للدين. وليد الركراكي وبقية أبطال المنتخب المغربي دفعوا مئات الملايين عبر أنحاء العالم لتشجيع المنتخب المغربي لأن المغرب قدم أجمل أداء في أكبر محفل كروي عالمي. هنا في المغرب لم نعاتب من كان يشجع خصوم المنتخب المغربي الذين أقصيناهم في ما بعد، وحققنا أكبر إنجاز في تاريخ الكرة العربية والإفريقية.
هنا في المغرب، قد نغضب أحياناً بسبب الكرة، لكننا لا نصير قليلي الأدب في ما بعد، ولا نربط إخفاقاتنا باختيارات جماهير البلدان الأخرى. هنا في المغرب، يحق لي مثلاً أن أساند ريال مدريد حين ستواجه نادياً مغربياً، ويحق لي أن أدعم الزمالك حين سيقابل برشلونة. الحياة ليست بكل هذا الكم من التعقيد الذي رأيته في اليومين الماضيين على الشبكات الاجتماعية.
هنا في المغرب، وتحديداً في طنجة، تابعت آلاف المغاربة يحتضنون الأهلي طيلة مقامه في طنجة وفي تطوان، وأسعدني الأمر. أين المشكل بالتحديد إذن؟ الكرة ليست مرتبطة بجنسية، خصوصا حين يتعلق الأمر بالأندية الكبرى، ولو واجه المنتخب المصري نظيره الإسباني هنا في المغرب لشجع أغلب المغاربة المنتخب المصري. يجب فقط أن تغادروا تلك القوقعة البئيسة، لتستوعبوا كثيراً من أمور. هنا في المغرب لنا عاداتنا وتقاليدنا، وحتى في الكرة لدينا طريقتنا التي تختلف عن بقية البلدان التي تحسب علينا، أو نحسب عليها. ريال مدريد له جمعيات تشجعه في كل بلدان العالم، بما فيها مصر، بالتالي هو ذلك النادي الذي يبيع الفرجة لكل أنصاره في العالم.
شخصياً، لم أشاهد المباراة في وقتها بالنظر إلى ارتباط مهني، وأعتذر للإخوة من Peña Casa Madridista الذين وجهوا لي الدعوة، ولم تسعفني الظروف لتلبيتها. فيما بعد، بلغوني بأن النتيجة لا تعكس أطوار اللقاء، وبلغوني أيضا بأن الريال سينازل الهلال السعودي في النهائي. هل سيعاتبني أصدقائي من العربية السعودية إن شجعت الريال؟ لا أعتقد.. سيتفهمون الأمر، وسيحظى فريقهم بمساندة ملايين من مغاربة آخرين، وهذا كل ما في الأمر. هنا في المغرب، لكل الحق في تشجيع من يريد، وفي الوقت الذي يريد، وبالطريقة التي يريد. ثم ماذا بعد؟ إن كان شرحي كافياً فهو أمر مهم، وإن بقي البعض يصرخون سأطلب لهم الشفاء العاجل، وهذا هو الأهم.
مرحباً بكل ضيوف المغرب، وخصوصاً الأشقاء من مصر والعربية السعودية. هي في آخر المطاف كرة، وهي نصيحة من واحد من أبناء البلد الذي يحتل المركز الرابع عالمياً. حين ينصحك رابع العالم عزيزي عليك أن تصغي ولو قليلاً، ونحن في أول وآخر المطاف أشقاء نساند بعضنا البعض في الأمور الكبرى، والسلام.