سلطت صحف عالمية الضوء على ما وصفته بـ“ويلات الغضب“ التي يعاني منها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، داخليا جراء قرار التعبئة العسكرية من جهة، وصفقة تبادل الأسرى مع أوكرانيا من جهة أخرى، حيث وصفت الصقور الروسية القرار الأخير بـ“الخيانة“.
وتصدر المشهد الإيراني أيضًا التغطية الإعلامية اليوم، الجمعة، وذلك تزامنا مع اتساع رقعة الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد تقريبا، وذلك بعد أن تحولت المظاهرات بشكل كبير من الاحتجاج ضد مقتل شابة إيرانية في أحد مراكز شرطة الأخلاق (الآداب) قبل أسبوع، إلى تظاهر ضد الحكومة.
”ويلات“ بوتين.. وغضب الصقور
وذكرت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يواجه غضبًا داخليًا بسبب إعلانه التعبئة الجزئية العسكرية من جهة، ومعارضة ”الصقور“ الروس لصفقة تبادل الأسرى بين موسكو وكييف من جهة أخرى.
وقالت الصحيفة في تقرير لها، إنه بينما أقامت العائلات الروسية ”وداعًا دموعيًا“، الخميس، لآف الأبناء والأزواج الذين تم استدعاؤهم فجأة للخدمة العسكرية كجزء من التعبئة الجزئية للجيش، احتدم القوميون الروس المؤيدون للحرب على إطلاق سراح القادة الأوكرانيين في صفقة تبادل أسرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم القبض على أكثر من 1300 شخص في احتجاجات مناهضة للتعبئة في مدن وبلدات في أنحاء روسيا على مدار اليومين الماضيين، وذلك في أكبر احتجاجات عامة منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير.
في المقابل، ذكرت الصحيفة الأمريكية أنه كانت هناك مؤشرات أخرى على زيادة الضغط العلني ضد بوتين وحربه، على الرغم من قمع الكرملين القاسي للمعارضة. وقالت إنه في مدينة توجلياتي، أضرمت النيران في مكتب تجنيد عسكري محلي، في واحدة من عشرات الهجمات المماثلة في أنحاء روسيا في الأشهر الأخيرة.
وأضافت أنه في غضون ذلك، كان لدى صقور الحرب الروسية في أقصى اليمين سبب مختلف للغضب؛ وهو اتفاق تبادل الأسرى الذي حرر قادة من كتيبة ”آزوف“ الأوكرانية المثيرة للجدل، والذين وصفتهم روسيا منذ فترة طويلة بـ ”النازيين“.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تبادلهم بعشرات السجناء المحتجزين في أوكرانيا، بما في ذلك فيكتور ميدفيدشوك، المعروف بأنه أقرب أصدقاء بوتين الأوكرانيين وزعيم الحزب السياسي الرئيسي الموالي للكرملين في أوكرانيا.
واعتبرت الصحيفة أن رد الفعل المزدوج على التعبئة وتبادل الأسرى قد أظهر أن بوتين يواجه أشد أزمة له منذ أن شن غزوًا واسع النطاق على أوكرانيا. وقالت إنه مع تضاؤل خياراته، اتخذ بوتين قرارات محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد يمكن أن تحول الرأي العام الروسي ضد الحرب.
وأشارت إلى خطابه الوطني الذي ألقاه أمس الأول، الأربعاء، والذي أعرب فيه عن دعمه لخطوات نحو ضم بلاده أربع مناطق أوكرانية، الأمر الذي يهدد بقتال عنيف ومزيد من الإذلال. علاوة على ذلك، لوح الزعيم الروسي باللجوء إلى الخيار النووي.
”خيانة أسوأ من جريمة“
من جانبها، ذكرت صحيفة ”موسكو تايمز“ الروسية أن تبادل 215 أسير حرب أوكراني رفيع المستوى مقابل 55 جنديًا روسيًا وحليف الكرملين، ميدفيدتشوك، قد أثار غضبًا أمس بين المتشددين الروس وشخصيات اليمين المتطرف.
ووفقا لتقرير نشرته الصحيفة الروسية المستقلة، أُعتبر قرار موسكو الإفراج عن جنود ”آزوف“، بمن فيهم قائد الكتيبة ونائبه، ”خيانة“ من قبل الأصوات المؤيدة للحرب واليمين المتطرف.
وقالت الصحيفة، إنه على سبيل المثال، عارض ضابط مخابرات روسي بارز يدعى، إيغور جيركين، الصفقة قائلًا: ”الإفراج عن خمسة مرتزقة بريطانيين وتبادل باقي أعضاء كتيبة آزوف.. هو أسوأ من جريمة وأسوأ من خطأ“.
واعتبرت الصحيفة الروسية أن الصفقة بمثابة منعطف غير متوقع في موقف الكرملين والدولة بشكل عام، حيث سبق وأن عارضت موسكو أي اقتراح بشأن الإفراج عن مقاتلي ”آزوف“.
وكان رئيس مجلس الدوما (البرلمان)، فياتشيسلاف فولودين، قد وصف أعضاء الكتيبة الأوكرانية بأنهم ”مجرمون نازيون“ يجب تقديمهم للعدالة.
ووفقا لتقرير الصحيفة، لم يشارك الجميع الغضب الجماعي من تبادل الأسرى. ونقلت عن زخار بريليبين، الروائي والزعيم السابق لحزب ”الحقيقة“ المحافظ المتشدد، قوله: ”إنها معجزة بحد ذاتها أننا أنقذنا هؤلاء الرجال (الأسرى الروس). الروسي الواحد يساوي أربعة أوكرانيين مصابين.“
اتساع رقعة الاحتجاجات في إيران
على صعيد آخر، لا يزال الشارع الإيراني يعتريه الغضب، حيث أثار مقتل مهسا أميني، وهي امرأة إيرانية كردية، في أحد مراكز ما تسمى بـ“شرطة الأخلاق“ (الآداب) بسبب مزاعم انتهاكها لقواعد اللباس المشددة، مومجة نظاهرات عارمة.
وبعد أن أسفرت حملة القمع عن مقتل وإصابة أكثر من 30 شخصًا، أصبحت الاحتجاجات تشمل مجموعة من القضايا، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والرقابة وإفلات الحكومة من العقاب. وتعد الاحتجاجات هي الأخطر في إيران منذ اضطرابات نوفمبر 2019 بشأن ارتفاع أسعار الوقود.
وذكرت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية أن الحكومة الإيرانية استجابت بشكل تقليدي إلى الاحتجاجات، وقام بحجب وصول العاصمة إلى الإنترنت، كما أنه قطع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة – خاصة ”واتساب“ و“إنستغرام“ – في مناطق من طهران وكردستان، حيث نشرت المعارضة مقاطع فيديو توثق حملات القمع.
وقالت الصحيفة إن الاحتجاجات – التي اندلعت في 16 سبتمبر بعد وفاة أميني (22 عاما) – لا تُظهر أي علامة على التراجع، حيث أضرم محتجون النيران أمس في أقسام ومركبات للشرطة في عدة مدن.
في المقابل، بدا أن الحرس الثوري الإيراني يشير إلى أنه سيكثف رده، داعيًا القضاء إلى محاكمة المتظاهرين، وذلك بعدما استهدف بعض المتظاهرين مراكز الشرطة وقوات الحرس الثوري الإيراني.
وأضافت الصحيفة أن ذلك يأتي في الوقت الذي امتدّت فيه المظاهرات المناهضة للحكومة إلى الفضاء الإلكتروني، وانتشرت مقاطع فيديو لنساء يحرقن حجابهن، بينما قامت نساء أخريات بنشر مقاطع فيديو قامن فيها بقص شعرهن، وذلك تعاطفا مع هاشتاغ ”#Mahsa_Amini“.
وتابعت الصحيفة في تقرير لها أنه في جنوب إيران، أظهرت لقطات فيديو متظاهرين يشعلون النار في صورة عملاقة على جانب مبنى للجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري السابق، الذي قُتل في غارة أمريكية في العراق قبل عامين.
ونقلت الصحيفة عن وسائل إعلام إيرانية رسمية زعمها أن ثلاثة أفراد من ميليشيا الحرس الثوري تم نشرهم ”للتعامل مع مثيري الشغب“ قد تعرضوا للطعن أو للرصاص الحي في مدينة تبريز شمال غرب البلاد، ومدينة قزوين ومشهد في وسط وشمال شرق البلاد.
في غضون ذلك، نقلت ”الغارديان“ عن أزاده أكبري، وهي باحثة مراقبة الإنترنت في ”جامعة توينتي“ بهولندا، قولها: ”يجب أن يُفهم إغلاق الإنترنت على أنه امتداد للعنف والقمع. وسائل التواصل الاجتماعي ضرورية لتعبئة المتظاهرين، ليس فقط لتنسيق التجمعات ولكن أيضًا لتضخيم أعمال المقاومة“.
الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية
في سياق متصل، اعتبرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن اتساع رقعة الاحتجاجات ومطالب المتظاهرين في إيران، يعكس غضب المواطنين الإيرانيين العاديين على ظروفهم المعيشية بعد سنوات من العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والتي أعاقت الاقتصاد، فضلاً عن انتشار الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية.
وقالت الصحيفة إنه تزامنا مع المشاهد غير العادية للمعارضة، أصبحت الاحتجاجات واحدة من أكثر التحديات وضوحًا للنظام الإيراني منذ الموجة الأخيرة من الاضطرابات في العام 2019، والتي قوبلت برد قاتل.
وعن سبب تأجيج الاحتجاجات، أشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين قد دعوا مرارا إلى إلغاء القيود الدينية المتطرفة التي تحكم طريقة لبس الناس، وكيف يتواصلون اجتماعيًا في منازلهم وما يشربونه ويأكلونه.
ونقلت عن محللين قولهم أيضًا إن سنوات التدهور الاقتصادي قد نفدت صبر العديد من الإيرانيين، الذين خرجوا بشكل دوري إلى الشوارع للاحتجاج في السنوات الأخيرة، مشيرين إلى أن الإيرانيين لطالما عانوا من ارتفاع معدلات التضخم ونقص الغذاء واضطراب الإمدادات وندرة الوظائف.
”الخميس الكبير“
من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تسابق الزمن لرفع أسعار الفائدة بعد الزيادة التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أمس الأول، الأربعاء، بواقع 0.75 نقطة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم قد تحركت أمس لمكافحة آثار ارتفاع الدولار وارتفاع التضخم، لتنضم إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في المخاطرة بركود لكبح ارتفاع الأسعار.
وأضافت الصحيفة أنه في سلسلة اجتماعات البنك المركزي من النرويج إلى جنوب أفريقيا، رفع العديد من أسعار الفائدة بهوامش أكبر من المتوقع في يوم وصفه المحللون بأنه ”الخميس الكبير“.
وأشارت الصحيفة إلى أن بنك إنجلترا كان أكبر المساهمين، حيث رفع البنك بشكل مفاجئ سعر الفائدة الرئيسي للمرة السابعة على التوالي.
وأوضحت الصحيفة أنه قبل الإعلان عن هذه الأنباء، لامس الجنيه الإسترليني لفترة وجيزة أدنى مستوى له منذ 37 عامًا مقابل الدولار قبل أن يتعافى من بعض خسائره ليصل إلى 1.13 دولار.
وتابعت الصحيفة في تقريرها أنه حتى بعض البلدان التي لم تحرك أسعار الفائدة – على سبيل المثال ترك بنك اليابان سعر الفائدة عند مستواه المنخفض السابق – قد اتخذت إجراءات أخرى لتخفيف ضغط التضخم المتزايد.
ونقلت الصحيفة عن وزير المالية الياباني، شونيتشي سوزوكي، قوله إن الحكومة ستتصرف مرة أخرى إذا لزم الأمر، دون الإشارة إلى حجم التدخل.
وأضاف: ”على الرغم من أن أسعار الصرف الأجنبي يجب تحديدها من حيث المبدأ في السوق، لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي عندما تحدث تحركات مضاربة ومفرطة بشكل متكرر“.
وجاءت اجتماعات البنوك المركزية، ومعظمها مقررة مسبقًا، بعد أن أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن زيادته بمقدار 0.75 نقطة، الأربعاء، وتوج أسبوعًا نشطًا من تشديد السياسة النقدية العالمية.
وقالت ”الجورنال“ إن العديد من مسؤولي البنك المركزي يعانون من أزمة ثقة عامة بعد أن جادلوا في البداية بأن الارتفاعات التضخمية ستكون مؤقتة، مضيفة أنهم يسارعون الآن لرفع أسعار الفائدة لمواكبة ارتفاع الأسعار، ولكن ليس بالسرعة التي تؤدي إلى ألم اقتصادي لا داعي له.
وأضافت: ”يشعر مسؤولو البنوك المركزية بالقلق بشكل خاص بشأن الكيفية التي قد يؤدي بها ارتفاع أسعار الفائدة إلى حماية اقتصاد البلاد وتفاقم أزمة تكلفة المعيشة.“