توقّع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد المغربي نمواً بنسبة 3.9% خلال هذا العام. وعلى الرغم من أن هذه النسبة تمثل تحسناً في الأداء الاقتصادي مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنها تظل أقل من تقديرات الحكومة التي تطمح إلى بلوغ نسبة 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يطرح تساؤلات حول واقعية التوقعات الرسمية وقدرة الاقتصاد الوطني على تحقيقها في ظل التحديات الراهنة.
توقعات المؤسسة الدولية، التي لم تختلف عن خلاصات مشاورات المادة الرابعة التي أُجريت بداية هذا الشهر، تربط هذا النمو بعودة الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية واستمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. ويرى الصندوق أن هذه الإصلاحات أساسية لبناء اقتصاد أكثر صموداً، قادر على خلق فرص الشغل وتحقيق نمو أكثر شمولاً. لكن هذه النظرة التفاؤلية تصطدم بواقع داخلي يطغى عليه البطء في تنزيل هذه الإصلاحات، وبتفاوتات مجالية واجتماعية لا تزال قائمة رغم التقدم المحقق على مستوى المؤشرات الكلية.
وفي خطوة تعكس من جهة ثقة دولية ومن جهة أخرى قلقاً من هشاشة داخلية، حصل المغرب مطلع أبريل الجاري على خط ائتمان مرن بقيمة 4.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في إطار اتفاق جديد يمتد لعامين. الحكومة اعتبرت هذا الخط إجراءً احترازياً لمواجهة الصدمات المستقبلية، غير أن تكرار اللجوء إلى مثل هذه الآليات يثير تساؤلات حول مدى صلابة المالية العمومية، وحول ما إذا كانت البلاد بصدد بناء نموذج اقتصادي مستقل ومستدام أم أنها تدخل تدريجياً في حلقة مفرغة من التمويلات الخارجية.
من جهة أخرى، سجلت مؤشرات التضخم تحسناً نسبياً، حيث يتوقع الصندوق أن يبلغ معدل التضخم 2.2% هذا العام، مقابل 0.9% السنة الماضية. ويأتي هذا في سياق خفض بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.25% خلال اجتماعه الأخير في مارس، في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي ودعم سوق الشغل. هذا التوجه النقدي يُفهم كمؤشر على تراجع حدة الضغوط التضخمية، لكنه يظل مشروطاً بتطور أسعار المواد الأساسية عالمياً ومدى فعالية السياسات الحكومية في حماية القدرة الشرائية للطبقات الوسطى والهشة.
ورغم الإشادة التي عبّر عنها الصندوق بمرونة الاقتصاد المغربي في مواجهة أزمات متتالية، دعا المؤسسة الدولية في أكثر من مناسبة إلى رفع المداخيل الضريبية، ترشيد النفقات، وتقليص تحويلات الدولة إلى المؤسسات العمومية، وهي توصيات تتماشى مع مقاربة تقشفية قد تصطدم بانتظارات اجتماعية متزايدة. هذه المقترحات، وإن كانت مشروعة من منظور التوازنات الماكرو-اقتصادية، تفتح النقاش مجدداً حول مدى قدرة الحكومة على الموازنة بين منطق الإصلاح الاقتصادي ومتطلبات العدالة الاجتماعية.
يتقاطع خطاب صندوق النقد الدولي مع رغبة الحكومة في تسويق صورة بلد صامد وواعد، لكنه يكشف أيضاً عن تحديات بنيوية لم تُحل بعد. وبينما تستمر المؤشرات الاقتصادية في التحسن على الورق، يبقى الرهان الحقيقي هو تحويل هذا التحسن إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن المغربي، في التشغيل، والخدمات، والقدرة الشرائية.