الحدث بريس: الصادق عمري.
رئيس التحرير.
في حقيقة الأمر يعجز اللسان ، وينفرط عقد البيان ،أمام الصور الكارثية التي تناقلتها وسائل الإعلام الوطنية عن فاجعة الصويرة ، يجد الإنسان نفسه مشدوها أمام هول ماحدث 17 عشر قتيلا يحصد في يوم واحد للحصول على قفة مواد غذائية بثمن بخس : زحمة التدافع المر و سريالية المشهد الجنائزي ، اختلطت أصوات سيارات الأمن والإسعاف بصياح وبكاء ،ولغط النساء والأطفال … يدفع إلى التساؤل عن الأسباب والمسببات ، التي لايمكن اختزالها إلا في مثل واحد ” بدل ان تعطيني سمكة علمني كيف اصطاد السمك” .
مشاريع الشباب والشابات الاقتصادية والاجتماعية والفلاحية التي يمكن أن تنقذ الام وابنها من براثن الفقر وطلب الصدقة والتسول المقنع بمساعدات الجمعيات التنموية في رفوف الإدارة تنتظر الافراج أسلوب المماطلة والتسويف في تحقيق هذه المشاريع الصغيرة هو سبب الكارثة … ، عندما تضع التعاونية أو الجمعية مشروعا جماعيا في ميدان معين ولا أعني الجمعيات التي تطلب الإحسان العمومي _ لأنها تمرغ انف الإنسان في التراب وتعلمه التسول من بابه الواسع لأن ما يحصل عليه لايشبع ولا يغني من جوع _ الشاب او الشابة المغربية لما يضع مشروعه الاستثماري لدى الإدارة والمصالح المعنية لايضع ذلك المشروع التنموي وهو يفكر في نفسه بشكل اناني بل إن عائلته تكون حاضرة وبقوة وهو نوع من التضامن والتكافل الأسري والاجتماعي راسخ في عقلية الإنسان المغربي منذ عهود قديمة .
ما الذي يجعل الأسر تتذمر و تفقد تماسكها وانسجامها ونظرتها المشرقة للغد القادم ، ويجعل أبناءها عرضة لما يسمى ” الانتحار في قوارب الموت ” أو التعاطي للمخدرات ” أو العزوف عن الدراسة … انه الفقر والهشاشة التي تصنع وترسخ من قبل العقليات المتخلفة ، نحن لا نقصد بهذا المقال الشباب الذين ألفوا الركون والتواكل أو ” العيش الذي يأتي باردا وبدون أدنى مجهود لأن حالتهم نابعة من طبيعة التربية التي تلقوها داخل أسرهم ” بل اولئك الذين آمنوا بدور مؤسساتنا الوطنية في إيجاد الحلول لمعضلة البطالة والفقر أولئك الذين انخرطوا بقوة وتفاؤل في التفكير الإيجابي التشاركي لإنقاذ أسرهم من واقع يكاد يتفشى متوجهين بثقة لتلك المؤسسات لتتبنى ملفاتهم صحيح أن هناك من الإدارات التي استجابت للخطابات الملكية السامية ، وعبأت الأوعية العقارية و جندت الوسائل و الإمكانيات لإقامة واستقبال تلك المشاريع المقترحة من طرف الشباب و المجتمع المدني الجاد والهادف … التي تحكمه أسس و برامج وأهداف … وليس المجتمع المدني المرسخ لعقيدة التسول والاستجداء وبهدلة الكرامة .
إن ماوقع يدفع المشرع إلى التفكير في مأسسة عمل الجمعيات التنموية والتعاونيات وتنظيمها قطاعيا وتطبيق ماجاء في الدستور لأنه الضامن الوحيد لتطوير وعقلة نشاط هذه الجمعيات في وضع المقترحات والمشاريع جهويا ،ومحليا بعيدا عن الاستجداء والتسول الخارجي والداخلي ،والذي يريد أن يعطي الصدقة فهو يعرف الباب دون أن يحشر الناس في المنشر والمحشر . دون لغط وصخب وكوارث لأن ذلك مما يحفظ كرامة الإنسان ويقيه غلواء القهر والفقر.