رفض “نادي قضاة المغرب” عددا من المقتضيات التي حملتها التعديلات الجديدة على مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية المعروضة على أنظار البرلمان بعد مصادقة المجلس الوزاري الأخير عليها، ومن ضمنها تمديد سن تقاعد القضاة ونظام الترقية ومدونة السلوك والعلاقة بالمحيط المهني.
واعتبر نادي القضاة ضمن مذكرة أصدرها، أن مبدأ تمديد سن تقاعد القضاة لمدة معينة قابلة للتجديد بقرار من الجهة المختصة، مخالف لما أجمعت عليه كل المعايير الدولية، الأممية منها والإقليمية المعنية باستقلالية القضاء، نظرا لما ينطوي عليه ذلك من “تعيين مؤقت” للقضاة تتوقف إعادة تعيينهم في مناصبهم من جديد على ضرورة تقييم أدائهم المهني.
وسجل نادي قضاة المغرب، ضمن مذكرته التي تضمنت تصورات ومقترحاته حول مشروعي تعديل القانونين التنظيمين المتعلقين بالسلطة القضائية، أن ذلك “يشكل خطرا على استقلالية القضاء وحريته من جهة، وبالتالي على حقوق المواطنين وحسن سير العدالة من جهة ثانية وعلى جودة العمل القضائي ونجاعته من جهة أخرى.
ونص مشروع تعديل المادتين 104 و116 على تحديد سن التقاعد بالنسبة للقضاة في 65 سنة، ويمكن تمديد حد للسن المذكور، بعد موافقة القاضي، لمدة أقصاها سنتين قابلة للتجديد أربع مرات كما نص بخصوص الفقرة الثالثة من المادة 116 على أنه يمكن للمجلس تمديد حد سن تقاعدهم لمدة أقصاها سنتين قابلة للتجديد لنفس الفترة إلى حين بلوغهم سن 75 سنة.
ويرى نادي القضاة، أن الغاية من هذا التمديد هي الخصاص الكبير في صفوف القضاة بمحاكم المملكة مقارنة بحجم الأعباء الموكولة إليهم، وهو ما يقتضي من وزارة العدل بدلا عن التوسيع في آلية تمديد سن التقاعد تنفيذ التزام الحكومة بالإجراء الخامس من الإجراءات الفعالة لتنفيذ المبادئ الأساسية لاستقلال السلة القضائية والمعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصارد بتاريخ 15 دجنبر 1989 تحت رقم 162/44.
وينص هذا الإجراء، على أنه “يتعين على الدول أن تولي اهتماما خاصا لضرورة توفير الموارد الكافية لعمل النظام القضائي ويشمل ذلك تعيين عدد كاف من القضاة لمواجهة الأعباء القضائية وتوفير الدعم اللازم للمحاكم من الموظفين والمعدات”.
وأكد المصدر ذاته، أن المدة الكاملة بعد احتساب كل التمديدات المذكورة تبلغ سن 75 سنة “وهو ما سيؤثر بالطبيعة على أداء القضاة وبالتالي على النجاعة القضائية ولو كان ذلك بإراداتهم، كما أنه ينطوي على حيف بخصوص قصر مدة استفادتهم من المعاش الذي عبارة عن مساهمات مالية قدموها صندوق التقاعد طيلة مدة اشتغالهم”.
و”مراعاة لهذه الملاحظات واحتراما للمعايير الدولية ذات الصلة”، اقترح نادي قضاة المغرب، على وزارة العدل الإبقاء على هذه الفقرة على علاتها كما كانت دون إقرار هذا التعديل”.
ودعما لإجراءات تحصين استقلالية السلطة القضائية وفي مقدمتها مبدأ المراجعة الدولية لأجور القضاة وانسجاما مع ما نصت عليه العديد من الإعلانات الدولية أكد نادي القضاة، أن هذا المبدأ هو من الالتزامات الدولية التي يتعين على الحكومات الوطنية الوفاء بها،وذلك بما يتلاءم مع ظروف المعيشة ومعدل الأسعار ويدعم استقلالية السلطة القضائية بما يخدم المجتمعات الإنسانية وذلك عن طريق تحصين هذه السلطة اقتصاديا واجتماعيا من الفساد الذي يقوض مبدأ الاستقلال من الأصل.
وتنص المادة 26 من مشروع تعديل القانون المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، التي تنص على أنه يتقاضى القضاة أجرة تتضمن المرتب والتعويضات العائلية والتعويضات الأخرى كيفما كانت طبيعتها المحدثة بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
وأوضح نادي القضاة أن هذا المبدأ يجد أساسه في نص الفقرة “ب” من المادة 21 من إعلان مونتريال” المؤرخ ب10 يونيو 1983 الصادر عن المؤتمر العالمي حول استقلال العدالة والتي نصت على أنه تكون رواتب القضاة ومعاشاتهم ملائمة ومناسبة لمركزهم وكرامة ومسؤولية منصبهم، وتعاد تسوية هذه الرواتب والمعاشات نظاميا بشكل يجعلها مواكبة تماما لارتفاع معدل الأسعار”.
ويرى المصدر ذاته، أن البند 18 ب من إعلان سينغفي” هو الآخر يؤسس لنفس المبدأ بقوله أنه يجب أن تكون رواتب القضاة ومعاشتهم التقاعدية كافية ومتناسبة مع المركز الوظيفي والكرامة ومسؤوليات المنصب القضائي على أن تخضع للمراجعة بصفة دورية لمواجهة أثر التضخم المالي أو التقليل من آثاره.
و”مراعاة لهذه النقط ونظرا لضرورة التحصين الاقتصادي والاجتماعي لاستقلال السلطة القضائية بما ينسجم مع مقتضيات وروح الدستور، وتفعيلا لمبدإ المراجعة الدورية لأجور القضاة، وتنزيلا لفكرة تحفيز القضاة على العطاء المهني الجيد”، اقترح نادي قضاة المغرب على الفرق البرلمانية أو المجموعات النيابية تبني طرحه الرامي إلى تعديل هذه المادة في إطار تقديم مقترح قانون بخصوصها بما يضمن الوفاء بالالترزام الدولي المذكور، وذلك بإضافة فقرة أخرى إليها.
وينص مقترح نادي قضاة المغرب، على أن “يتقاضى القضاة أجرة تتضمن المرتب والتعويضات العائلية والتعويضات الأخرى، كيفما كانت طبيعتها المحدثة بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل، وتعاد مراجعة المرتب نظاميا كل ثلاث سنوات بشكل يجعله مواكبا لارتفاع معدل الأسعار وفق مسطرة تحدد بنص تنظيمي”.