تواصل جبهة البوليساريو الانفصالية التلويح بورقة الحرب ضد المملكة، وهو ما عكسته تصريحات “سفير الجبهة” بالجزائر الذي أعلن عن “بدء التحضير والتعبئة الكاملة، دبلوماسيا وعسكريا وشعبيا وعلى كل الأصعدة” لدخول الحرب.
وكشف بشرايا حمودي بيون، سفير جبهة البوليساريو بالجارة الشرقية، في حوار مطول مع صحيفة “الشروق” الجزائرية، عن نوايا قيادته الدخول في حرب ضد المغرب كأحد الخيارات المطروحة إلى جانب الاستفتاء، مؤكدا “استمرار عملية التجنيد والتعبئة في انتظار ما سيفعل مجلس الأمن بعد الأشهر الثلاثة المقبلة”.
دق طبول الحرب من طرف البوليساريو رافقه سيل من الاتهامات؛ حيث نعت ممثل الجبهة المغرب بأنه “مناور، كاذب وغشاش”، في سياق حديثه عن قرار مجلس الأمن الأخير بشأن قضية الصحراء القاضي بعودة بعثة المينورسو.
ووصف حمودي بيون القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن بـ”الإيجابي لكنه لا ينهي الأزمة”، مضيفا أن حل الأزمة مع المملكة “لن يتم إلا بعودة البعثة الأممية لوضع رزنامة وخارطة طريق لتنظيم الاستفتاء”.
ويبدو أن القرار الأخير للقوى الكبرى بمجلس الأمن قد أراح قيادة الجبهة؛ بحيث صرح ممثلها في الجزائر بأن “تعامل مجلس الأمن كان أكثر صرامة ضد المغرب”، الذي يعيش، بحسب المتحدث ذاته، “حالة من الارتباك والتخبط بعد فشل رهانه على الموقفين الأمريكي والروسي”.
واستبعد سفير البوليساريو لدى الجارة الشرقية “عدم تطبيق المغرب لقرار مجلس الأمن القاضي بعودة بعثة المينورسو إلى الصحراء لمباشرة مهامها المحددة سلفا”؛ إذ أشار إلى أن “الدول القوية في المجلس، مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، تعارض المغرب في طروحاته”، غير أن الجانب الروسي امتنع عن التصويت على القرار الذي طرحته واشنطن، ما يعني التزامها موقف الحياد في القضية.
موقف الجبهة المعادي للمملكة كان واضحا وصريحا بين سطور الحوار الذي نشرته الصحيفة الجزائرية؛ حيث قال ممثل الجبهة إن “المغرب لا يقدر على قهرنا ولا إقناعنا”، مضيفا: “على المغرب أن يفهم أن محاولاته باءت بالفشل”.
بروباغندا جزائرية.
تلويح البوليساريو، مرة أخرى، بورقة الحرب على لسان “سفير الجبهة” بالجارة الشرقية، يراه المحلل السياسي أحمد نور الدين “بروباغندا مدروسة بعمق من طرف الجزائر من أجل استعمال هذه الورقة للضغط على مجلس الأمن لمسايرتها في أطروحتها”، مضيفا أن ما يسمى بـ”سفارة الجبهة” ليست سوى ملحقة تابعة لوزارة الدفاع الجزائرية.
ونبّه نور الدين، في تصريح لهسبريس، إلى التوظيف المعكوس لهذه الورقة، معتبرا أنه على المغرب “استعادة زمام المبادرة وإعادة المياه إلى مجاريها من خلال اللعب، هو الآخر، على ورقة الحرب من أجل الضغط على مجلس الأمن، على اعتبار أن المملكة هي صاحبة المقترح الواقعي الوحيد الموضوع على الطاولة”.
“الخيار العسكري هو حجة عليهم وليس لهم، وسيكلف المنطقة حربا إقليمية شاملة”، يقول الخبير في ملف الصحراء الذي أكد أن “اندلاع الحرب، كما تتوقع مراكز البحث الدولية، لن يكون في صالح أحد في المنطقة، بل إنه يهدد السلم والأمن الدوليين اللذين تدافع عنهما الأمم المتحدة”.
وبسط محمد نور الدين سيناريو قيام الحرب بين المغرب والبوليساريو، المخالف تماما لما كان عليه الأمر قبل دخول القضية إلى المسار الأممي التفاوضي سنة 1991؛ حيث أبرز أن المغرب بـ”إمكانه اليوم استعمال حق المتابعة الذي يكفله له القانون الدولي، ما سيمكنه في حال ما إذا تمت مهاجمة أراضيه من طرف المجموعات الانفصالية، من ملاحقتهم نحو التراب الجزائري في تندوف”.
وبعيدا عن سيناريو الحرب الذي تلوح به البوليساريو، عدّد المحلل السياسي ثلاثة خيارات سلمية مطروحة، في مقدمتها “سحب بعثة المينورسو كليا من المنطقة، ما سيترتب عنه في هذه الحالة إعادة مجلس الأمن لملف الصحراء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة”، وهو الخيار الذي أكد نور الدين أنه في صالح المغرب، نظرا لأن استمرار الملف في المجلس يشكل عامل ضغط على المملكة مع حلول شهري أبريل ونونبر من كل سنة”.
فيما تعتبر “الموافقة على مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب في 2007، والذي يشكل خيارا واقعيا وقابلا للتطبيق باعتباره أحد أشكال تقرير المصير”، ثاني الخيارات، بحسب المتحدث ذاته الذي أضاف أن الخيار الثالث، والذي يبقى مستبعدا، يتمثل في “التقسيم”، وهو ما رفضه المغرب سابقا.
هسبريس.
*صحافي متدرب.