عاش المجتمع المغربي صيفا حارا بكل المقاييس وعلى جميع الاصعدة حيث ارتفعت درجة الحرارة لمستويات قياسية، رافقها ارتفاع كبير في نسب الجرائم لا من حيث الكم (لا يمر يوم بمدينة من مدن المغرب إلا وتسجل فيه حالة اغتصاب أو سرقة أو تبادل العنف او…. ) و لا من حيث النوع (ظهور أنواع جديدة من الجرائم وخصوصا الجماعية منها وجيل جديد من المجرمين الذين يتباهون بما يقترفونه من المصائب و يوثقونها بواسطة هواتفهم وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي بدم بارد كأن شيئا لم يكن ) .
كما شهدت بلادنا خلال نفس الفترة حركات احتجاجية كبرى، رفعت شعارات ومطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية، دون أن ننسى حراك الريف وتداعياته الثقيلة على المشهد السياسي وعلى الوضع الاقتصادي و على مستقبل الوطن. كما تم تسجيل عدد من حالات جرائم المال العام هذا دون الحديث عن صورة المغرب في الخارج التي ارتبطت بالإرهاب والدعارة وويلات الهجرة السرية. أضف إلى ذلك حملات العنف والتشويه الممنهجة التي يتعرض لها الاساتذة والاستاذات من طرف بعض التلاميذ و من طرف الصحافة الصفراء.
كل هذه الظواهر الاجتماعية (المذكورة أعلاه) سواء الإيجابي منها (الحركات الاحتجاجية المنظمة ذات الطابع السياسي) أو السلبي (الظواهر الإجرامية والعنف وحالات الافلات من العقاب )
جعلت الفرد المغربي (لا أتكلم هنا على المواطن لأننا لم نصل بعد الى هذا المستوى من الوعي الذي يقرن الحق بالواجب) يعيش الرعب وعدم الأمن والخوف المستمر من المجهول ومن المستقبل. إذن هي حالة قصوى من الاحتقان الاجتماعي وصلت إليها بلادنا. هذه الظواهر باتت تقلق بال المغاربة لهذا وجب طرح مجموعة من الأسئلة…… :
ما هي الأسباب و المسببات التي أوصلتنا إلى هذه الحالة؟ لماذا كل هذه المشاكل و القلاقل و الأزمات في هذا الوقت بالتحديد؟ أ هي بداية التحول الاجتماعي و ما يرافقه من تغيير في السلوكيات والعقليات و ما يتبعه من خلخلة البنيات الذهنية والفكرية السابقة؟ أم هي بوادر بداية مرحلة جديدة في حياة الشعب المغربي لا نعرف متى ستبدأ و متى ستنتهي؟ و إذا كنا نعيش بداية مرحلة جديدة، هل ستتحسن حالتنا اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا، أم العكس ؟ أم إن ما نعيشه ما هي إلا سحابة صيف عابرة، بعدها ستعود حليمة لعادتها القديمة؟ أ لا يعتبر هذا الغليان و الحراك مؤشرا صحيا يدل على أن مجتمعنا لازال بخير؟ ألم تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في تضخيم المشاكل ؟ ألم تساهم هذه المواقع كذلك في كشف المستور وكشف الطابوهات، التي كان مجرد الكلام فيها يثير الرعب والخوف في النفوس؟ ألا تعتبر سلوكيات بعض المراهقين هي نتيجة طبيعية لتراكم إخفاقات السياسات التعليمية بالمغرب منذ فجر الاستقلال؟ ألم يحن الوقت للقطع مع هذه السياسات التعليمية الطبقية التي أنتجت جيلا غير مسؤول وافواجا من العاطلين؟ لماذا لا يقطع المسؤولون مع الشعارات الرنانة والخطابات الزائفة التي تبيع الوهم للمغاربة (المغرب بلد الاستقرار-المغرب بلد التعايش والتسامح -الاستثناء المغربي) ؟هل يعتبر فعلا التعليم القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية أم هو شعار للاستهلاك والتضليل؟ ألم يساهم الإعلام العمومي الرسمي في إخفاقات المنظومة التربوية وتمييع المشهدين الثقافي والسياسي بالبلاد ببثه للأفلام والمسلسلات التافهة وتغييبه للبرامج الثقافية والتربوية الهادفة؟ من له المصلحة في ما آلت إليه الأمور ؟أليس من حق الشباب أن يحلموا بمسقبل زاهر؟ أين هي حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية المكفولة والمنصوصة دستوريا كالحق في الشغل والصحة؟ ما أهمية الدستور إن لم تطبق وتفعل فصوله ؟ ما الهدف من تشريع القوانين إن بقيت حبرا على ورق؟ الى متى سيظل نظامنا السياسي المغربي يعمل بديمقراطية الواجهة؟ ألم يصل بعد لمرحلة النضج السياسي ؟لماذا لا يقطع مع إلاملاءات الخارجية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي التي توصيه بمزيد من التقشف ؟ ألم يأخذ العبرة من بعض الدول الصاعدة التي أعطت أهمية قصوى للتعليم ؟ و لماذا انتشر العنف في مجتمعنا وفي مدارسنا بهذه الصورة ؟ لماذا تحمل الدولة مسؤولية إلاخفاقات للمدرسة العمومية وحدها، كأن المدارس الخصوصية تنتج لنا العباقرة ؟ و أين درس غالبية الذين يقودون البلاد ؟ لماذا استقالت مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى (الأسرة -الشارع -المسجد…) وتركت المدرسة وحدها تقاوم الطوفان ؟.
إذن هي مجموعة من التساؤلات، طرحت من أجل التفاعل و من أجل البحث عن الأجوبة -رغم أن بعضها أجوبة أكثر منها أسئلة.
ختاما أعتقد أن بلادنا ماضية نحو المجهول (وخاصة أن نسبة المديونة وصلت لمستويات قياسية وحدودا لا تطاق أزيد من %80) لذا وجب علينا جميعا “كل من موقعه” أن يتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية وأن يساهم في تقويم و تصحيح السياسات اللاوطنية واللاشعبية التي تنتهجها وانتهجتها الحكومات المغربي، من أجل بناء مجتمع الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
الحدث بريس..جبيلو ..ع.ب.
في الصميم…..أصبحنا نخاف على مستقبلنا ولما ستحول اليه احوالنا….فما الحل؟ومن اين .كيف سنبدأ؟