في ظل تزايد الحاجة إلى وسائل نقل مريحة وآمنة لتنظيم الرحلات الترفيهية. يلجأ بعض المسؤولين المحليين والجمعيات إلى استغلال الحافلات المدرسية لنقل التلاميذ والمشاركين في أنشطة خارج الإطار الدراسي. وبينما يُنظر إلى هذه الخطوة كحل اقتصادي وفعال، إلا أنها تثير جدلًا واسعًا حول قانونيتها، سلامة الركاب، وتأثيرها على الخدمات التعليمية.
الحافلات المدرسية: وسيلة نقل أم مورد مشترك؟
تمثل الحافلات المدرسية عمادًا أساسيًا في ضمان تنقل التلاميذ من وإلى المدارس بانتظام. إلا أن استغلالها خارج هذا الإطار يفتح الباب أمام تساؤلات متعددة. ففي بعض المناطق. تستخدم هذه الحافلات خلال العطل أو نهاية الأسبوع لنقل مجموعات سياحية أو جمعيات شبابية في رحلات ترفيهية، وهو ما يبرره البعض بضعف الإمكانيات وارتفاع تكلفة تأجير وسائل النقل الخاصة.
الجانب القانوني: هل هو مسموح؟
وفقًا للقوانين المنظمة لقطاع النقل المدرسي، فإن الحافلات المدرسية مصممة خصيصًا لنقل التلاميذ ضمن بيئة آمنة. وتخضع لمعايير صارمة تحدد استخدامها.
إلا أن بعض الجماعات المحلية تتغاضى عن هذه الضوابط، مما قد يعرضها لمساءلات قانونية. يسمح باستغلال الحافلات المدرسية في أنشطة غير دراسية شريطة الحصول على تراخيص محددة وضمان الالتزام بمعايير السلامة.
مخاطر محتملة: سلامة التلاميذ أولًا
ويعتبر عامل السلامة أبرز المخاوف المرتبطة بهذا الاستغلال، حيث إن الحافلات المدرسية مجهزة وفق معايير تناسب الأطفال. وقد لا تكون ملائمة لنقل البالغين أو استخدامها في رحلات طويلة.
كما أن الاستخدام المتكرر خارج الأوقات المدرسية قد يزيد من احتمالية الأعطال والتآكل السريع للمركبات. مما يؤثر سلبًا على جودتها أثناء أداء وظيفتها الأساسية.
يرى بعض المدافعين عن الفكرة أن استغلال الحافلات المدرسية في الرحلات الترفيهية. يمكن أن يخفف العبء المالي عن الأسر ويتيح للأطفال فرصة الاستفادة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية. و يبقى الحل الأمثل في البحث عن صيغ تنظيمية واضحة، مثل وضع شروط صارمة لاستخدام هذه الحافلات خارج الإطار المدرسي، أو تشجيع شركات النقل على تقديم عروض بأسعار مناسبة للجمعيات والمؤسسات التعليمية.
استغلال حافلات النقل المدرسي لتحقيق مكاسب انتخابية
توصلت المصالح المركزية بوزارة الداخلية بتقارير مثيرة للقلق من أقسام الشؤون الداخلية بعمالات أقاليم ومقاطعات. تكشف عن برمجة رحلات ترفيهية لفائدة النساء والأطفال بعد عيد الفطر من قبل جمعيات مرتبطة باتفاقيات شراكة مع جماعات ترابية، وذلك في سياق تدبير النقل المدرسي. حسب ما أفادت به مصادر مطلعة.
وحسب التقارير، فإن هذه الجمعيات تستعد لاستغلال الحافلات المخصصة لهذا الغرض لتحقيق مكاسب انتخابية لصالح رؤساء جماعات ومنتخبين كبار، في ما وصفته مصادر بعملية “تسخين انتخابي” مبكر استعدادًا لاستحقاقات 2026. تضيف المصادر.
وتؤكد المصادر أن هذه التقارير تأتي في وقت حساس، مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث تحاول بعض الأطراف الاستفادة من الموارد العمومية لتحقيق أهداف سياسية.
استنفار في وزارة الداخلية
وتزامن هذا الوضع مع توجيهات صارمة وجهها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، إلى عمال الأقاليم. تدعوهم فيها إلى التصدي لكافة أشكال استغلال المال العام لأغراض انتخابية. لا سيما في ما يتعلق بتوزيع المساعدات الغذائية خلال شهر رمضان. وكذلك تأجيل مشاريع تنموية كانت مبرمجة منذ فترة طويلة، مثل مشاريع تزويد المناطق بالكهرباء والماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى بناء مراكز رعاية الأشخاص في وضعية هشاشة.
التوجيهات الحكومية هذه جاءت بعد تقارير تفيد بشبهات تورط بعض رؤساء الجماعات. في استغلال ميزانيات دعم الجمعيات لتحقيق مكاسب انتخابية. وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتأكد من صحة هذه المعلومات ومنع أي استغلال غير مشروع للمال العام في هذا السياق.
يبقى استغلال الحافلات المدرسية في الرحلات الترفيهية موضوعًا شائكًا، بين كونه حلًا عمليًا وبين مخاطره القانونية واللوجستية. وبينما يستمر النقاش حول هذا الأمر، تظل الأولوية لضمان سلامة التلاميذ وتوفير بدائل أكثر استدامة تلبي احتياجات المجتمع دون المساس بجودة الخدمات التعليمية.