الحدث بريس : متابعة
تتجه حكومة سعد الدين العثماني إلى تفويت مصحات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يدبر التغطية الاجتماعية لأجراء القطاع الخاص، ويبلغ عددها 13 في مختلف مدن المملكة.
ونصت المادة 44 من القانون رقم 00-65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية على عدم الجمع بين مهمة تدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وتدبير المؤسسات ذات الطابع الصحي من طرف الهيئات المدبرة لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مؤكدة منح الهيئات المدبرة إمكانية تحقيق الملاءمة مع القانون المذكور، إما من خلال تفويض تدبير هذه المؤسسة إلى هيئة أخرى، أو من خلال اختيار طريقة أخرى تراها الأجهزة المقررة التابعة للهيئات المكلفة بالتدبير المعنية ملائمة، وذلك خلال ثلاث سنوات من دخول القانون حيز التنفيذ.
كما بررت الحكومة، ممثلة في وزارة الشغل والإدماج المهني، قرار التفويت بإشكالية العجز الهيكلي المستمر الذي تعرفه مالية هذه المصحات، والذي تتم تغطيته عن طريق الاقتطاعات من فرع التعويضات العائلية، كاشفة أن الإعانة المالية المقدمة للمصحات من ميزانية النظام العام بلغت ما قدره 221.9 ملايين درهم برسم سنة 2018، مقابل 225 مليون درهم برسم سنة 2017، مع رصد 81 في المائة من هذه الميزانية لأداء الأجور و19 في المائة منها للاستثمار.
وحذرت وزارة الشغل إلى إشكـالية الممرضين المتعاقدين مع الصندوق، إذ قام الأخير منذ ما يزيد عن عشرين سنة بإدماج عمـال مؤقتين أغلبهم من القطاع العام، وذلك عن طريق بروتوكول اتفاق بين الصندوق ووزارة الصحة سنة 1988.
وابتداء من سنة 1990 بدأ الصندوق في الاستعانة بممرضين وأطباء من القطاع الخاص إلى غاية سنة 2006. ويرجع سبب ذلك إلى أن مكتب الدراسات المكلف بالإستراتيجية الطبية للمصحات طلب منذ سنة 2006 من الصندوق الاستعانة بالمتعاقدين من الممرضين والأطباء لملء الفراغ الحاصل في الموارد البشرية بالمصحات، والأمر نفسه أوصت به الدراسة الإستراتيجية للمصحات سنة 2015.
وكشفت خلاصات الدراسة الإستراتيجية لمصحات الضمان الاجتماعي عن توجه الحكومة نحو اعتماد ثلاثة سيناريوهات ضمن عشرة تم وضعها سابقا، كاشفة أن منها التفويت الكلي، أو التدبير المفوض، أو الشراكة بين القطاع العام والخاص.
كما الدراسة حددت عشرة سيناريوهات منها إنشاء شركة فرعية على شكل شركة مجهولة الاسم أو على شكل شركة للتنمية المحلية تابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مبرزة أن منها تدبير المصحات في إطار التدبير المفوض، أو في إطار الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
ووضعت السيناريوهات التي كشفها وزير الشغل والإدماج المهني، خلال حلوله بمجلس النواب، أنه سيتم إنشاء مؤسسة عمومية، وإلغاء الفصل 44 وتوسيع مهام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مضيفا إلى ذلك تفويت المصحات للقطاع العام، إما عن طريق إلحاقها بالمستشفيات أو إنشاء مستشفيات، مع إنشاء أو إلحاق هذه الوحدات الصحية بمؤسسة، أو بجمعية، وتخويل الوحدات الطبية لتدبير القطاع الخاص.
وكان المجلس الإداري للصندوق عمل على اختيار طريقة التدبير المفوض بتاريخ 26 أبريل 2002، فتم إعلان طلب عروض لاختيار مكتب خبرة لمواكبة الصندوق في عملية تفويض تدبير مصحاته (13 مصحة)، إلا أن العروض التي قدمت في هذا الشأن لم تستجب للشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات.
وفي وقت تطرح إشكالية اقتصادية تتمثل في عجز متكرر في الاستغلال، أعلنت الحكومة أنه سيتم إنجاز مخطط لإعادة هيكلة المصحات على مستوى الموارد البشرية والمالية، وكذا التدابير التنظيمية والإدارية، من خلال تطبيق مخطط التطوير الإستراتيجي من أجل تحقيق التوازن المالي وتخفيض الإعانة المقدمة للمصحات.
وفي هذا الصدد أكدت الحكومة أهمية إعطاء الوسائل المادية لمصحات الصندوق، خاصة في السنة الأولى والسنة الثانية، لاقتناء معدات طبية جديدة وحديثة، وتوظيف موارد بشرية كفأة، مبرزة أنه سيتم إصلاح مرافق بعض المصحات لكي تصبح أكثر جاذبية وتحقق أكبر نسبة ملء تمكنها من امتصاص العجز وتحقيق التوازن المالي المنشود.