الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
كان للزاوية الدرقاوية بالمغرب الاثر الظاهر، والصيت الواسع الباهر ، بما قدمته عبر تاريخها الطويل عبر عقود من الزمن ادوار دينية تتجلى في صيانة المذهب السني الاشعري على طريقة الامام الجنيد السالك ، تثبيتا للكتاب والسنة ، اسلاما ، وايمانا يعقده القلب ويصدقه العمل ، و ترقيا نحو الاحسان المطهر للقلوب من دنس النفس الامارة بالسوء وحبائل الشيطان المودي الى المهالك.
فلقد كان للشيخ الفقيه المربي العربي الدرقاوي الفاسي مؤسس الطريقة الدرقاوية الدور الاكبر في نشر اسس ومبادئ العقيدة الاشعرية ، و مفهوم وحقيقة التصوف الخالي من البدع ، فكان الاستاذ والمربي والزاهد ،وعلى نهجه وعلى خطى ركابه، سارت الزاوية الدرقاوية بمنطقة فركلة .
على مشارف واد الغمر او تغمرت ” الفيض ” المسمى قديما “واد النور” العابر لتنجداد وبجماعة فركلة السفلى يقع قصر ايت اعمر ، تقبع وسطه الزاوية الدرقاوية بمئذنتها ومسجدها العتيق ، وضريح مؤسسها السيد احمد الدرقاوي الهواري الادريسي .
هذه الزاوية يقصدها الداني ولقاصي من مختلف مناطق المغرب ، مريدين وفقهاء وشيوخ واعيان وعامة، في تجمع حاشد لقراءة القرآن ، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والتذكير بسيرته العطرة ، وترديد السماع الصوفي، والامداح المشيدة بسجاياه وخصاله ومواقفه ، ومعاملاته .
وهذا شان الزاوية في كل عام تحيي فيه موسم هذا الرجل الزاهد العابد ، والذي عرف عنه كما تحكيه الروايات الشفوية ، ورسائله ، ومصنفاته، وتدخلاته .. واهتمامه بشؤون الناس بمنطقته وغيرها من مناطق المغرب .
تعرف هذه الزاوية بزاوية سيدي العرابي بن عبد الله الهواري الادريسي دفين مدينة وهران بالقطر الجزائري ، وقد اسسها ابنه السيد احمد في مطلع القرن السادس عشر الميلادي 16م وسماها تيمنا باسم والده .
اشتهر الشيخ بالعلم ، والورع بين عامة الناس ، فكان محط تقدير واجلال واحترام ، درس بجامع القرويين بفاس ، وبمدينة بجاية ، وبالازهر الشريف ، كما تلقى العلوم الشرعية بالمسجد الاموي بالشام .
خلف العديد من المؤلفات اهمها كتاب ” التنبيه ” ومصنف ” السهو ” وكتاب التسهيل وشرح المنفرجة .
تلقى العلم على يد العديد من الفقهاء الشيوخ كاحمد بن ادريس ، والقباب والعراقي .. كما تلقى عن الشيخ عبد الرحمان الوغليسي ، و الشيخ العبدنوسي هذا الاخير الذي درسه مدونة الامام مالك .
اما عن رغبته في الترقي الى مدارج الايمان قلبا وعملا ، لنيل مقامات الاحسان ، الجامع للفضل والرضوان، فقد كان ملاذه ، شيخ الطريقة الجزولية سيدي عبد الرحمان المجذوب السالك مغترفا منه صفاء المشرب ،و من سمو حكم ابن عطاء اللّٰه السكندري تبرا من علمه وعمله ، تاركا عجبه بنفسه ، رجاء الفوز بالنظر الى وجه الله الكريم .
واما عن سند الطريق فقد اتخذ سنده عن العارف بالله ، موقض الهمم ، الشيخ سيدي محمد العربي بن قاضي سجلماسة ونواحيها محمد الهاشمي الحسني العلوي المدغري .. محمد العربي صديقه الحميم ، كانت بينهما مراسلات في الحظ على الصبر، و لزوم السنة المحمدية .. وهو دفين قصر جاوز بالرشيدية، والذي لازالت اطلال زاويته الدرقاوية بمنطقة رحمة الله بتماسين ،جماعة شرفاء مدغرة شاهدة على ماض مليء بالاحداث ولى ورحل …
كما استفاد طريق القوم ، من الشيخ الزاهد احمد البدوي زليتن ، ومن الشيخ المربي مولاي العربي الادريسي الدرقاوي الفاسي السالف الذكر.
كان للزاوية الدرقاوية بفركلة دور اساسي في تدبير الشؤون الدينية والدنيوية للافراد ، والقبائل عبر راب الصدع ،وتاليف القلوب ،والتربية على المحبة ، وخدمة الفقراء والعطف على المساكين ، اسوة بخلق الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة ، وعلى ذلك سارت معظم الزوايا التي تفرعت عنها بمختلف مناطق المغرب .