الحدث بريس:يحي خرباش.
يتابع المواطن بقلق كبير الأوضاع المتردية التي الت إليها مجموعة من الجماعات الترابية بالإقليم ،خاصة بعد المكانة الكبيرة التي حظيت بها في دستور 2011،وهو ما من شأنه أن يساهم في تعزيز استكمال البناء المؤسساتي للامركزية والمساهمة في ترسيخ الديموقراطية المحلية .
هذه الجماعات التي اعتبرها المتبع للشأن السياسي المغربي ، أكثر قربا من مشاكل المواطنين وتطلعاتهم اليومية ،وأكثر تجسيدا للديمقراطية المحلية عبر الاختيار الحر لمنتخبيها ،والانخراط الحقيقي في التنمية الاقتصادية والقيام بالأدوار المنوطة بها خاصة في تدبير المجال الترابي ، هاته الجماعات نفسها تعيش واقعا مترديا وحالة من الشتات الكبير وعشوائية في التسيير ،مناسبة هذا الكلام يتزامن مع ندوة الرؤساء الموسعة الذي نظمته الكتابة الجهوية للحزب يوم السبت الماضي بمشاركة رؤساء الجماعات الترابية لعرض حصيلة أداء منتخبي الحزب بمختلف الجماعات الترابية التي يسيرونها ، والملاحظ أن مجموعة من الأحزاب وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الذي يهيمن على 14 جماعة حضرية وقروية بالإقليم سارع مؤخرا إلى تكثيف لقاءاته الحزبية لمختلف الهيئات التنظيمية ،تحسبا لأي ارتجاج داخلي قد يعرض الحزب للتفكك بسبب تزايد الانتقادات التي بدأت توجه إليه من داخل الحزب وخارجه ،والتي اشتدت ضراوتها في الآونة الاخيرة ،وهو ما دفعه إلى التعجيل بترميم صفوفه، وتجاوز الخلافات الداخلية استعدادا للمحطة الانتخابية القادمة.
رئيس مجلس جهة درعة تافلالت الذي يترفع عن مثل هاته اللقاءات ،حضر هذه الندوة لمشاركة إخوانه في الحزب لتقديم الحصيلة بعدما ظل يرفض أية دعوة توجه له في هذا الخصوص طيلة ولايته لأسباب هو خير العارفين بها.
جماعات كرست نصف ولايتها الانتخابية ،في تدبير أمورلا علاقة لها بالتنمية،وتفشي الانتهازية لدى مجموعة من الرؤساء والمستشارين في العلاقة مع الجماعة ومع المواطن،واللجوء إلى وسائل غير قانونية من أجل تثبيت مصالح شخصية وضمان المنصب الانتخابي الذي أصبح هاجس كل منتخب ،من حق الساكنة أن تنعم بتنمية اقتصادية واجتماعية مبنية على أسس الديمقراطية والشفافية ، وليس لهذا الرئيس أو ذاك الحق بأن يترجم هذه العلاقة والثقة التي وضعها المواطن في خدمته للتصرف بما يخل بأحد أركان هذه الديمقراطية والعبث بمصالحه الذي اتخذ أشكالا خطيرة ،أشدها العبث بالمال العام بالغلو في تقديم الدعم المالي السخي المخصص لجمعيات دون أخرى وضعت نفسها رهن إشارة الرئيس في أي وقت طلب منها ذلك ،وللأسف فماكينة الفساد المالي حصدت مجموعة من الجماعات التي انبطح رؤسائها للمال والسلطة دون مبالغة في ظل ضعف المراقبة الإدارية لهاته الجماعات .
ولا يفوتنا الذكر بهذه المناسبة بما تعرفه جماعة أرفود من عشوائية في التسيير التي تشكل الحاضنة الرئيسية لتوزيع المال دون حسيب أو رقيب بمباركة الرئيس الذي خصص أكثر من 80 مليون سنتم لدعم جمعيات موالية للحزب دون فائدة ،في حين أن هذه المبالغ كفيلة بفتح مناصب شغل قارة بالجماعة التي تحتاج لأطر كفأه يسهرون على خدمة مصالح الساكنة ، كتوظيف طبيب أو مهندس مثلا واستغلاله أي المال العام لاستمالة الناخبين وجمع الاصوات، شأنه في ذلك شأن رئيس مجلس جماعة الرشيدية الذي يقيم الدنيا من أجل رصد الاعتماد المخصص لدعم الجمعيات والوداديات عبر تحويل الاعتمادات المالية من ميزانية الجماعة وتغيير هندستها تلبية لهذا الغرض ،كما لا يقل حال هاته الجماعات سوءا عن جماعة اغبالو التي تعيش واقعا فريدا من نوعه منذ أن وضع الشوباني نصب أعينه السيطرة على هذه الجماعة ،وتحول تدبير شأن الجماعة ورعاية مصالح الساكنة إلى تدبير صراع حزبي بين المصباح والجرار،دون أن ننسى ذكر جماعة ملاعب التي أصبحت حديث كل لسان وقلم .
كم يحز في أنفسنا حينما يصل الاستهتار بالمسؤولية إلى هذا المستوى الذي لا يشرف بلدنا ويقضي على جميع الأخلاق والقيم المعروفة في الثقافة المغربية، كما يترك انطباعا سيئا لدى المواطن ويكرس العزوف الانتخابي ،الذي يقضي على مظاهر العمل السياسي، ويعتبرها البعض فرصة لتبخيس العمل السياسي خدمة لأجندته الانتخابية ،همها الوحيد ضمان أكبر عدد من الاصوات وحصد المقاعد.
سباق الزمن من أجل الاستعداد الانتخابات المقبلة يعتبر من أهم الأجندة التي تأتت المشهد السياسي للأحزاب السياسية ،ولا غرابة في حصول حزب العدالة والتنمية على مقدمة الترتيب ، بعد أن أطلق رئيس الحكومة أولى إشاراته خلال زيارته الأخيرة للرشيدية وعقد لقاءات داخلية مع هياكل الحزب بالجهة في هذا الشأن، غير أننا نطمأن رئيس الحكومة ونهمس في أذنه بأن الشوباني تلميذ متميز في هذا المجال، ويقوم بهذا الدور على أحسن وجه ،مستعينا بالأذرع المالية للحزب عبر مقاولات تستفيد من حصة الأسد من الصفقات وسندات الطلبات التي تشكل سندا ودعما قويا لمشروعه السياسي .
عين الحزب على الانتخابات المقبلة ،ويبدو أنه من خلال التصريحات التي ألفناها على لسان قادته من الوزير الرميد إلى بن كيران بعدم القبول بأقل من المرتبة الأولى قد يزعجه كثيرا،ولهذا قرر الحزب اللعب بجميع الاوراق التي يملكها، من أجل تحقيق هذا الحلم والحفاظ على كرسي السلطة،دون ذلك فقد عودنا بما يمكن أن يفعله في مثل هاته الحالة ،كما عودنا على ذلك في العديد من التصريحات النارية على لسان قادته الحزبية والله أعلم.