يتوقع أن يساهم إطلاق خدمة الجيل الخامس للاتصالات (5G) في المغرب في إحداث نقلة نوعية على مستوى الاقتصاد الرقمي، إذ تشير التقديرات إلى أنه قد يضيف ما بين 4 و6 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد الجاري.
وتستعد شركات الاتصالات لإطلاق هذه الخدمة قبل نهاية السنة الحالية، في خطوة تأتي متزامنة مع تنظيم كأس أفريقيا للأمم 2025 واستعدادات المملكة لاستضافة كأس العالم 2030، حيث يُعتبر تعميم شبكة الجيل الخامس أحد الشروط التي يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لضمان بنية تحتية رقمية متطورة تواكب حجم هذه التظاهرات الرياضية الكبرى.
وكان المغرب قد أجرى في يوليوز الماضي عملية بيع لرخص استغلال شبكات الجيل الخامس، استفادت منها الشركات الثلاث العاملة في السوق الوطنية: اتصالات المغرب، إنوي، وأورنج، مقابل 2.1 مليار درهم (231 مليون دولار). وتعهدت هذه الشركات بضخ استثمارات ضخمة تُقدر بحوالي 80 مليار درهم بحلول عام 2035، بهدف توسيع نطاق التغطية ليشمل ثماني مدن رئيسية مع نهاية السنة الجارية، على أن ترتفع نسبة التغطية إلى 25% بحلول عام 2026، ثم تصل إلى 85% مع حلول عام 2030، في إطار استراتيجية وطنية متكاملة تحمل اسم “المغرب الرقمي 2030”.
ووفق مذكرة لمكتب الأبحاث والتحليلات المالية التابع لبنك أفريقيا، فإن إدماج الجيل الخامس في البنية التحتية الرقمية للمملكة سيشكل رافعة مهمة للاقتصاد الوطني، إذ يُرتقب أن يساهم بما يتراوح بين 1.5% و2% من الناتج المحلي الإجمالي. كما سيفتح آفاقاً واسعة أمام قطاعات استراتيجية مثل الصناعة الذكية، التي ستستفيد من إمكانيات الأتمتة وتكامل الروبوتات، والصحة الرقمية من خلال خدمات التطبيب والجراحة عن بُعد، إضافة إلى الزراعة الدقيقة عبر استخدام تقنيات الاستشعار والطائرات المسيرة، فضلاً عن تعزيز مفهوم المدن الذكية وتحسين إدارة الموارد والخدمات الحضرية.
كما تتوقع المذكرة أن تشهد إيرادات قطاع الاتصالات ارتفاعاً من 36 مليار درهم سنة 2023 إلى حوالي 46 مليار درهم بحلول عام 2030، أي بزيادة تقدر بـ27%، ما يعكس الأثر الاقتصادي الإيجابي المتوقع لهذه القفزة التقنية.
ورغم هذه التوقعات الواعدة، لا تزال هناك تحديات قد تعرقل الاستفادة الكاملة من إمكانيات الجيل الخامس. ويأتي في مقدمتها ضعف الثقة في الدفع عبر الهاتف، حيث لا يزال الدفع النقدي مهيمناً على المعاملات المالية، رغم وجود نحو 13.7 مليون محفظة إلكترونية نشطة. كما يشكل غياب مشغلي الشبكات الافتراضية عائقاً أمام تنويع الخدمات وزيادة المنافسة في السوق، في حين يبرز الأمن السيبراني كأحد أبرز التحديات في ظل التوسع المتزايد للشبكات، ما يتطلب تعزيز أنظمة الحماية لضمان أمن البيانات وحماية البنية التحتية الحيوية.